Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 83-101)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [ الصافات : 83 - 84 ] يشير إلى إبراهيم السر ؛ فإنه من شيعة نوح الروح ، وجاء ربه بقلب سليم عن تعلقات الكونين ؛ { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ } [ الصافات : 85 ] آذر : النفس { وَقَوْمِهِ } [ الصافات : 85 ] ؛ أي : صفاتها ، { مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً } [ الصافات : 85 - 86 ] من الدنيا والهوى والشيطان { دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الصافات : 86 - 87 ] أن يغفل عنكم أو لا يؤاخذكم بما كسبت أيديكم ، أو يخالف قوله : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 - 8 ] . وبقوله : { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } [ الصافات : 88 - 89 ] يشير إلى نجوم شواهد الحق تعالى إذا طلعت من مشرق العناية ، فنظر إليها إبراهيم السر فيرى بلمعان نورها أدنى التفاته إلى غير الله ، فيتحقق عنده ، وإن مزاج محبته وطلبه انحرف بقدر التفاته ، { فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } [ الصافات : 89 ] { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ } [ الصافات : 90 ] آذار النفس وصفاتها ، { مُدْبِرِينَ } [ الصافات : 90 ] ، { فَرَاغَ } [ الصافات : 91 ] ؛ أي قال : { إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ } [ الصافات : 91 ] من الدنيا والهوى والشيطان ، { فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } [ الصافات : 91 - 93 ] المؤيد بتأييد الله تعالى ، فكسر الأصنام كلها { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } [ الصافات : 94 ] النفس وصفاتها ، ويعاتبونه في كسر الأصنام ، قال : { قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } [ الصافات : 95 ] من أنواع الشهوات ؛ أي : ما تتوهمون منها ، { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [ الصافات : 96 ] من أعمالكم ومتوهماتكم ومتخيلاتكم ، { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً } [ الصافات : 97 ] من الهواجس النفسانية والوساوس الشيطانية ، { فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 97 ] ؛ جحيم الحرص والشهوة ، { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } [ الصافات : 98 ] بأن يحرقوه بنار الحرص والشهوة ، { فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } [ الصافات : 98 ] بأن جعلنا نار الحرص والشهوة برداً وسلاماً على إبراهيم السر ، وقد علاهم بالعفة والقناعة وردَّ كيدهم . ثم أخبر عن ذهاب الخليل إلى باب الجليل بقوله تعالى : { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الصافات : 99 ] ، يشير إلى إبراهيم الروح أن الله لما ابتلاه بنمرود النفس ، وقومه من صفات النفس ، وقد رآهم على عبادة غير الله من أصنام الهوى ، والشيطان ينفر عنهم وعن أذاهم وعن صحبتهم ؛ لأنهم كانوا حيواني الصفات شيطاني الأوصاف ، وكان هو ملكي الصفات رباني الأوصاف ، ولهذا السر رد من أعلى عليين عالم الأرواح إلى أسفل الأشباح ؛ ليتعلم السير من الأسفل إلى الأعلى ، ويحصل الآن الذهاب إلى الله تعالى ، ثم يضطره بإذية النفس وصفاتها إلى الرجوع إلى الحضرة ، فلما بلغ سيره الربى وآل أمره إلى الردى ، قال : { إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي } يشير به إلى السير إلى الله تعالى ، وبقوله : { سَيَهْدِينِ } يشير إلى السير بالله في الله . وبقوله تعالى : { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ الصافات : 100 ] يشير إلى أنك كما وهبت لي نفساً من المفسدين هب لي قلباً من الصالحين ، وهو الذي قال : " إن في جسد ابن آدم لمضغة إذا صلحت صلح بها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد بها سائر الجسد ، ألا وهي القلب " . { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ } [ الصافات : 101 ] ، فهو القلب السليم الحليم .