Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 18-23)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله : { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ * وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } [ ص : 18 - 19 ] ، يشير إلى كمال عناية ربوبيته في حقه بعد إظهار كمال عبوديته ، { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } [ ص : 20 ] في الظاهر بأن جعلناه أشد ملوك الأرض ، وفي الباطن بأن { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } [ ص : 20 ] ؛ والحكمة هي : أنواع المعارف من المواهب ، وفصل الخطاب : بأن ملك المعارف بأدل دليل وأقل قليل ، وبقوله : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ } [ ص : 21 - 22 ] ، يشير إلى كمال ضعف البشرية مع أنه كان أقوى الأقوياء إذ فزع منهم ، ولعل فزع داود عليه السلام كان لإطلاع درجة ، على أنه ذلك تنبيه له وعتاب فيما سلف منه ، وبقوله : { قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ } [ ص : 22 ] ، يشير إلى أنه لا تخف عن صورة أحوالنا فإنا جئنا لتحكم { بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ } [ ص : 22 ] ؛ ولكن خف عن حقيقة أحوالنا ، فإنها كشف أحوالك التي جرت بينك وبين خصمك أورياً ، وبقوله : { فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ } [ ص : 22 ] ، يشير إلى أن هذه الحكومة هي الحكمة التي بينك وبين خصمك ، فاهدنا فيها إلى الصراط المستقيم إلى الله ، فإن سير العباد إلى الله على أقدام المعاملات على جادة الشريعة . وبقوله : { إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } [ ص : 23 ] ، يشير إلى أن الظلم في الحقيقة من شيم النفوس ، فإن وجدت ذا عفة فلعلة ، كما قال يوسف عليه السلام : { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } [ يوسف : 53 ] .