Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 24-28)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } [ الزمر : 24 ] عن نفسه { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [ الزمر : 24 ] ؛ أي : عذاب يوم القيامة كمن لا يتقي ويظلم على نفسه ، { وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } [ الزمر : 24 ] ؛ أي : ذوقوا عذاب ما كسبتم بأفعالكم الردية ، وأخلاقكم الدنية ؛ يعني : كنتم في غير العذاب ، ولكن ما كنتم تجدون ذوقه لغلبة نوم الغفلة ، فإذا متم أنبئتم ، والذي يؤكد هذا التأويل قوله تعالى : { نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [ مريم : 72 ] ، { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } [ الزمر : 25 ] ؛ أي : أتاهم العذاب في صورة الصحة والنعمة والسرور ، وهم لا يشعرون أنه العذاب ، وأشد العذاب ما يكون بفتنة ، كما أن أتم السرور ما يكون صلة ، وأوجع تأثير الفراق للقلب ما يكون بغتة غير متوقفة ، وفي معناه قيل : @ فبتنا بخير والدنيا مطمئنة وأصبحت يوماً والزمان تقلبا @@ وبقوله : { فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ ٱلْخِزْيَ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [ الزمر : 26 ] ، يشير إلى أنه تعالى أذاقهم عذاب الخزي والهوان في الدنيا وهو العذاب الأدنى ؛ ليعلموا أن عذاب الآخرة أكبر فيتحرزوا عنه ، ويرجعوا إلى ربهم بالتوبة والإنابة . ثم أخبر عن ضرب الأمثال بشرح الأقوال بقوله تعالى : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ الزمر : 27 ] ، يشير إلى أن أحوال العباد واشتغالهم بالدنيا ، وتعلقاتهم بها وبالأهالي واحتجابهم عنا ، نوضحها لهم بضرب الأمثال المتناسبة في القرآن { لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ الزمر : 27 ] أحوالهم لما كانت أرواحهم في جوارنا مفردة عن هذه التعلقات الشاغلات ، متوجهه إلى حضرتنا منتفعة بشواهد ألطافنا ، فيشتاقون إلى تنسم روائح نفحات ألطافنا ، فيتعرضون لها بالتجريد والتفريد ؛ ليصلوا إلى حقيقة التوحيد متمسكين بحبل كلامنا . { قُرْآناً عَرَبِيّاً } [ الزمر : 28 ] منزلاً من عندنا { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } [ الزمر : 28 ] ؛ أي : صراطاً مستقيماً إلى حضرتنا ، { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [ فصلت : 42 ] ، { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [ الزمر : 28 ] به عما سوانا .