Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 102-102)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ } [ النساء : 102 ] ، إشارة إلى هذا المعنى ؛ يعني : ما دمت بالصورة بينهم وهم ينظرون إليك فقد أدمت لهم الصلاة ؛ لأن النظر إليك عبادة ، كما { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } [ العنكبوت : 45 ] ، فإنك تنهاهم عن الفحشاء والمنكر ، وكذلك لمن يكون له نور نبوتك في قلبه متصرف على الدوام فأدمت له الصلاة ، فلما لم يكن هذا المقام ميسر لجميع الخلق أن يكون بينهم لا بالصورة ولا بالمعنى قال الله تعالى : { فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ } [ النساء : 102 ] ؛ يعني : من الخواص { مِّنْهُمْ } [ النساء : 102 ] ، أي : من عوامهم { مَّعَكَ } [ النساء : 102 ] ؛ ليكونوا دائمين في الصلاة قائمين مع الله على الدوام ، فإن من يكون معك فقد يكون مع الله ، لأنك مع الله لقوله تعالى : { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } [ التوبة : 40 ] ، { وَلْيَأْخُذُوۤاْ } [ النساء : 102 ] ؛ يعني : طائفة من بقية القوم { أَسْلِحَتَهُمْ } [ النساء : 102 ] ، من الطاعات والعبادات دفعاً لعدو النفس والشيطان ، { فَإِذَا سَجَدُواْ } [ النساء : 102 ] ؛ يعني : من معك ونزلوا مقامات القربة ، { فَلْيَكُونُواْ } [ النساء : 102 ] ؛ أي : هؤلاء العوام { مِن وَرَآئِكُمْ } [ النساء : 102 ] في المرتبة والمقام والمتابعة ويحفظونكم باشتغالهم بالأمور الدنيوية لحوائجكم بالضرورات الإنسانية ، { وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ } [ النساء : 102 ] ، بعدكم { لَمْ يُصَلُّواْ } [ النساء : 102 ] معك في الصحبة { فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ } [ النساء : 102 ] في الوصلة ، { وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ } [ النساء : 102 ] ؛ وهو آداب الطريقة ، { وَأَسْلِحَتَهُمْ } [ النساء : 102 ] ؛ وهي أركان الشريعة بنظر شيخ كامل من أهل الحقيقة ، فإنه من جملة الحذر يبقى العبد محروساً عن مكائد كفار النفس والشيطان ، { وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ } [ النساء : 102 ] ؛ أي : عن أركان الشريعة ومراقبة القلوب في حفظ مواهب الحق وفتوحات الغيب ، { فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 102 ] ؛ يعني : عدو النفس وصفاتها والشيطان وأعوانه ، { مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ } [ النساء : 102 ] ؛ يعني : من كثرة اشتغال الدنيا وضروريات البشرية تمطر عليكم في بعض الأوقات ، { أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ } [ النساء : 102 ] من أركان الشريعة عند الضرورة ساعة فساعة ، { وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } [ النساء : 102 ] ، من التوجه الحق ومراقبة الأحوال ، وحفظ القلب وحضوره مع الله ، وخلو السر عن الالتفات بغير الله ، ورعاية التسليم والتفويض إلى الله تعالى ، والاستمداد من همم المشايخ والالتجاء إلى ولاية النبوة .