Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 10-12)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفي قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً } [ النساء : 10 ] ، إشارة إلى الذين يضيعون أطفال الطريقة ولا يراعون حقوقهم بالنصيحة والوصية والإرشاد إلى سبيل الرشاد ، ويحرمونهم عن مشارب ولايتهم تقصيراً أو تهاوناً { إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً } [ النساء : 10 ] ؛ لحسرة تحسراً وتغابناً ، { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [ النساء : 10 ] آفة التقصير ، إذ في أداء حقوقهم غرامة ولا ينفعهم الندامة . ثم أخبر عن وصاية أهل الولاية بقوله تعالى : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ } [ النساء : 11 ] ، إشارة في الآيات : إن المشايخ للمريدين بمثابة الآباء للأولاد ، فإن الشيخ في قومه كالنبي في أمته على ما قاله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " أنا لكم كالوالد لولده " ، ففي قوله تعالى : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } ، الآيات كلها إشارات إلى وصايا المشايخ والمريدين ووارثتهم في قرابة الدين ، كقوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } [ المؤمنون : 10 ] ، فكما أن الوراثة الدنيوية بوجهين : بالسبب والنسب ، فلذلك الوراثة الدينية بوجهين : إما السبب فهو الإرادة ولبس خرقتهم ، والتبرك بزيهم للتشبه بهم ، وأما النسب فهو الصحبة معهم بالتسليم للتصرفات ولايتهم ظاهراً وباطناً بصدق النية وصفاء الطوية ، مستسلماً لأحكام التسليك والتربية ، يتولد السالك بالغشاوة الثانية ، فإن الولادة تنقسم على : النشأة الأولى : وهي ولادة جسمانية ، بأن يتولد المؤمن من رحم الأم إلى عالم الشهادة وهو الملك ، والنشأة الثانية : وهي ولادة روحانية ، بأن يتولد السالك من رحم القلب إلى عالم الغيب وهو الملكوت . كما حكي النبي صلى الله عليه وسلم عن عيسى عليه السلام أنه قال : " لم يلج ملكوت السماوات والأرض ما لم يولد مرتين " ، فالشيخ هو الأب الروحاني ، والمريدون المتولدون من صلب ولايتهم الأولاد الروحانيون ، وهم فيما بينهم { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [ الأنفال : 75 ] ، لقوله : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [ الحجرات : 10 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " الأنبياء أخوة من علات ، وأمهاتهم شتى ودينهم واحد " ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبي " ؛ لأن نسبه كان بالدين ، كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم من آلك ؟ قال : " إلى كل مؤمن تقي " ، وإنما يتوارثون أهل الدين على قدر تعلقاتهم السببية والنسبية ، والذكورة والأنوثة في الجد والاجتهاد وحسن الاستعداد ، وإنما موازينهم العلوم الدينية واللدنية ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " العلماء ورثة الأنبياء ، لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر " ، وقال موسى للخضر - عليهما السلام - : { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } [ الكهف : 66 ] .