Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 44-46)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن جهالة أهل الضلالة بقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً } [ النساء : 44 ] ، إشارة في الآيتين : إن { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ } [ النساء : 44 ] ، يشير إلى : إن من رزق شيئاً من علم الكتاب ظاهراً ، ولم يرزق أسراره وحقائقه وهم علماء السوء المداهنون في دين الله حرصاً على الدنيا ، وطمعاً في المال والجاه ، وحباً للرياسة والقبول ، { يَشْتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ } [ النساء : 44 ] ، وهي المداهنة وإتباع الهوى ، فيبيعون الدين بالدنيا { وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ } [ النساء : 44 ] ، يا معشر العلماء الأتقياء ورثة أنبيائه وطلاب الحق من بين الخلق عن { ٱلسَّبِيلَ } [ النساء : 44 ] ، الحق بما يجدونكم وينكرون عليكم ، ويكرمونكم ويودونكم بطريق النصح وإظهار المحبة { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ } [ النساء : 45 ] ؛ أي : بعدوانهم إياكم هو أعلم منكم ومنهم بحالكم وحالهم ، فلا تقبلون نصيحتهم فيما يقطعون عليكم طريق الحق ويردونكم عنه ، ويصدونكم عن الحق بالتحريض على طلب غير الله ورعاية حق غير الله ، وأطيعوا أمر الله تعالى فيما أمركم به قوله : { قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ } [ الأنعام : 91 ] . { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً } [ النساء : 45 ] ، فلا يضركم إن لم يكن غيره ولياً لكم ، { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً } [ النساء : 45 ] ، يعني : حسبكم الله بالنصرة والولاية ، { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ آل عمران : 160 ] . { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } [ النساء : 46 ] ؛ يعني : دأب علماء السوء قريب من دأب الذين هادوا ، { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } [ النساء : 46 ] بالفعال لا بالمقال ، { وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا } [ النساء : 46 ] ، بالمقال فيما أمر الله من ترك الدنيا وزينتها وإتباع الأوامر ، ومن إيثار الآخرة على الأولى والانقطاع عن الخلق ، { وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَٰعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي ٱلدِّينِ } [ النساء : 46 ] ، وأهل الدين { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } [ النساء : 46 ] ، في القرآن قولاً وفعلاً ، { وَٱسْمَعْ وَٱنْظُرْنَا } [ النساء : 46 ] ؛ أي : أجب دعاءنا ولا تجيب رجاءنا ، { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ } [ النساء : 46 ] ، في قوم أخلاقهم واستقامة أحوالهم ، { وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } [ النساء : 46 ] ، يبعدهم الله عن الحضرة ، وطردهم عن القربة بشؤم إنكارهم وكفران نعمة إيتاء العلم ، { فَعَمُواْ } [ المائدة : 71 ] ببصر البصيرة عن رؤية الحق ، { وَصَمُّواْ } [ المائدة : 71 ] بالآذان الواعية عن استماع كلام الحق ، { فَلاَ يُؤْمِنُونَ } [ النساء : 46 ] ، بالقلوب السليمة { إِلاَّ قَلِيلاً } [ النساء : 46 ] منهم ، بأن يكفروا بهوى نفوسهم ويؤمنوا بالإيمان الحقيقي الذي من نتائج الإرادة والصدق في طلب الحق ، والإخلاص في العمل لله ، وترك الدنيا وزخارفها ، بل بذل الوجود في طلب المعبود .