Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 60-62)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن حال القال من غير الأحوال بقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ } [ النساء : 60 ] ، إلى قوله : { يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } [ النساء : 61 ] والإشارة فيه : إن أهل الطبيعة { يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } [ النساء : 60 ] ؛ يعني : بأركان الشرائع [ قبلك وبالقرآن ] بِقَالِهم ، ثم { يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ } [ النساء : 60 ] طاغوت الهوى ، فلو كان حالهم مناسباً لقالهم ، لكان تحاكمه إلى الله والرسول في جميع الأحوال لا إلى الهوى ولا إلى العقول المشوبة بشوائب الخيال والوهم والهوى ، { وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ } [ النساء : 60 ] ، وهذا أحوال المتفلسفة في أهل هذا الزمان أنهم يزعمون أنهم آمنوا بالله ورسوله وبما أنزل إليه من القرآن ، ثم يتحاكمون في الأمور الأخروية والمعارف الإلهية إلى العقول الملتبسة بآفات الوهم والخيال المشوبة بالهوى ، { وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ } [ النساء : 60 ] في ذلك { أَن يُضِلَّهُمْ } [ النساء : 60 ] من طريق الحق ، { ضَلاَلاً بَعِيداً } [ النساء : 60 ] ، من الرجوع إلى الحق . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } [ النساء : 61 ] ؛ أي : لأهل الأهواء والبدع ولأهل الطبيعة ، { تَعَالَوْاْ } [ النساء : 61 ] نتحاكم في الأمور { إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ } [ النساء : 61 ] ؛ أي : الكتاب والسنة ، { رَأَيْتَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ } [ النساء : 61 ] يظهرون غيرها ، { يَصُدُّونَ عَنكَ } [ النساء : 61 ] ؛ أي : متابعتك وسنتك وسيرتك ، { صُدُوداً } [ النساء : 61 ] ، إعراضاً تماماً ، وهذا النفاق دأبهم في جميع الأحوال ، صلى الله على سيدنا محمد وآله . وقوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ } [ النساء : 62 ] ، ملامة من الحق وسياسة من السلطان { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنْ أَرَدْنَآ } [ النساء : 62 ] ، يتحاكمنا إلى العقل وبراهين العقلية دون الشريعة ، { إِلاَّ إِحْسَٰناً } [ النساء : 62 ] ، إيقاناً في الأدلة { وَتَوْفِيقاً } [ النساء : 62 ] بطريق الصواب وسبيل الحق .