Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 63-65)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } [ النساء : 63 ] من الشبهات واعتقاد السوء والصدود عن الحق وكتمان نفاقهم ، { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } [ النساء : 63 ] في الظاهر { بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل : 125 ] ، لهم في الرجوع إليَّ ، وترك التمادي في الباطل ، { وَقُل لَّهُمْ } [ النساء : 63 ] ، بصلابة الدين { فِيۤ أَنْفُسِهِمْ } [ النساء : 63 ] في قتلهم وهلاكهم ؛ أي : خوفتهم بالقتل إن لم يرجعوا إلى الحق ، { قَوْلاً بَلِيغاً } [ النساء : 63 ] في الموعظة والتخويف ، { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [ النساء : 64 ] ، ولا يطاع العقل بإذن الهوى ، فافهم جيداً . { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } [ النساء : 64 ] ، بمتابعة الهوى وتحاكمهم إلى العقول دون الكتاب والسنة ، { جَآءُوكَ } [ النساء : 64 ] ، تاركين أهواءهم ، تابعين لك ولما جنت به ، { فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ } [ النساء : 64 ] ؛ أي : تابوا إلى الله وطلبوا منه طريق الحق والوصول إلى الحقيقة في متابعتك ، { وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ } [ النساء : 64 ] ؛ أي : يشفع لهم في الحضرة ، ويهديهم بقوة النبوة والرسالة إلى صراط مستقيم في الطلب ، { لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ } [ النساء : 64 ] ووصلوا إليه ؛ لأنه كان { تَوَّاباً } [ النساء : 64 ] بهم إذا تابوا ، واجداً لهم إذا طلبوا ، { رَّحِيماً } [ النساء : 64 ] بهم إذا وصلوا . ثم أخبر عن خواص الإيمان لخواص الإنسان بقوله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } [ النساء : 65 ] ، إلى قوله { صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ النساء : 68 ] ، والإشارة فيه : إن الله تعالى أكد الكلام بالقسم ، والقسم بذاته تبارك وتعالى { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ النساء : 65 ] ؛ يعني : الذين يزعمون أنهم يؤمنون ، ليعلم أن الإيمان الحقيقي الذي ينفع العبد وينجيه ليس بمجرد التصديق والإقرار ، بل له محك يضرب عليه نقود الإيمان فيظهر الخالص من المغشوش ، والجيد من الرديء ، والبر من البهرج ، وهو قوله تعالى : { حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } [ النساء : 65 ] ، حتى يحكموا الشرع لا الطبع ، والنبوة والمولى لا الهوى ، ووارد الحق لا موارد الخلق فيما التبس عليهم ، واختلف أرادهم فيه وتخيّرت عقولهم عنه ، { فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } [ طه : 62 ] ، { ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ } [ النساء : 65 ] ؛ يعني : وإن كان القضاء على خلاف الطبع وهو النفس لا يجددوا في مرآة أنفسهم صورة كراهة ولا خيال نزاهة من قضاء الحق ، بل من القضايا الأزلية والأحكام الإلهية ، { وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [ النساء : 65 ] للحق وأحكامه الأزلية باستسلام النفوس ورضا القلوب .