Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 74-76)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلْيُقَاتِلْ } [ النساء : 74 ] ، هذا الحاسد النادم { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ النساء : 74 ] ؛ أي : في طلب الله ، فليجاهد نفسه هو وأمثاله { ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ } [ النساء : 74 ] ، يشترون حظوظ النفس بحقوق الرب ، ويختارون الفاني على الباقي ، { وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ النساء : 74 ] يجاهد نفسه في طلب الحق ، { فَيُقْتَلْ } [ النساء : 74 ] نفسه بسيف الصدق والحق ، { أَو يَغْلِبْ } [ النساء : 74 ] بالظفر فسلم على بدنه ، { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ } [ النساء : 74 ] بجذبات العناية { أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 74 ] ، وهو الفوز العظيم . ثم أخبر عن المستضعفين وحث على تخليصهم من المشركين بقوله تعالى : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ النساء : 75 ] ، إلى قوله : { كَانَ ضَعِيفاً } [ النساء : 76 ] ، والإشارة فيهما : إن ما لكم أيها المدعون الإسلام والدين ، ألاَّ تقاتلون في سبيل الله ؟ لا تجاهدون أنفسكم في سلوك السبيل إلى الله ، وهو تحريض على طلب الحق والسير إلى الله ؛ لكيلا تقنعوا بمجرد الاسم والرسم ، وتستمروا على ساق الحد والاجتهاد في طلب المقصود والمراد ، فإن المجاهدة تورث المشاهدة في قوله تعالى : { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ } [ النساء : 75 ] ، إشارة إلى تقوية الأرواح الضعيفة التي استضعفتها النفوس باستيلائها عليها ، { وَٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 75 ] ؛ أي : القلوب ، فإن القلب للروح كالزوجة ؛ لتصرف الروح في القلب كتصرف الزوج في الزوجة ، { وَٱلْوِلْدَٰنِ } [ النساء : 75 ] ؛ وهي الصفات الحميدة التي تتولد من ازدواج الروح والقلب ، يستعينون إلى ربهم { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ } [ النساء : 75 ] ؛ أي : قرية البدن ، { ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا } [ النساء : 75 ] ؛ وهي النفس الأمارة بالسوء ، { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } [ النساء : 75 ] ؛ أي : كن لنا من فضلك وكرمك ولياً تخرجنا من ظلمات البشرية والخلقية إلى نور الربوبية والإلهية ، { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً } [ النساء : 75 ] ، من ولاية النبوة شيخاً مرشداً ينصرنا على النفس والهوى والشيطان والدنيا . وفي قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ النساء : 76 ] ، يشير إلى : إنه إنما أمر بجهاد النفس ؛ لأن إمارة الذين آمنوا إيماناً حقيقياً لا اسمياً ومجازياً ، أن يقاتلوا أو يجاهدوا أنفسهم في سلوك السبيل إلى تعالى ، وإمارة { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ النساء : 76 ] ، كفران النعمة { يُقَٰتِلُونَ } [ النساء : 76 ] القلوب { فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ } [ النساء : 76 ] طاغوت الهوى ، { فَقَٰتِلُوۤاْ } [ النساء : 76 ] ، فجاهدوا { أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَٰنِ } [ النساء : 76 ] ؛ وهم النفس والدنيا والهوى ، { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ } [ النساء : 76 ] ، ومكره ومكر أوليائه { كَانَ ضَعِيفاً } [ النساء : 76 ] في جنب مكر الله تعالى معهم ، كقوله تعالى : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ آل عمران : 54 ] ؛ أي : غالب عليهم .