Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 85-87)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن بضاعة أهل الشفاعة بقوله تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } [ النساء : 85 ] ، الإشارة فيها : إن من يشفع شفاعة حسن لإيصال نوع من الخيرات إلى الغير ، فإنها من خصوصيتها أن يكون له نصيب منها ؛ أي : فيه نصيباً من هذه الحسنة ، فمن تلك الخصوصية قد يشفع شفاعة حسنة ، { وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } [ النساء : 85 ] ؛ يعني : من تلك السيئة التي هي إيصال نوع من الشر إلى الغير فيها قد شفع شفاعة سيئة ، كما قال تعالى : { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً } [ الأعراف : 58 ] ، إن الله تعالى { وَكَانَ ٱللَّهُ } [ النساء : 85 ] في الأزل { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } [ النساء : 85 ] ، شهيداً في إيجاد المحن والمنى ، مقتدراً عليماً حفيظاً فيهما من استعداد شفاعة حسنة وسيئة ، لا يقدر اليوم على تبديل استعدادهما القابلية الخير والشر ، فافهم جيداً . { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ } [ النساء : 86 ] من الخير والشر ، { فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ } [ النساء : 86 ] ، أما الخير فبخير أحسن ، وأما الشر فبحلم وعفو ومكافأة الخير ، { أَوْ رُدُّوهَآ } [ النساء : 86 ] ؛ يعني : كافئوا المحسن بمثل إحسانه ، والمسيء بمثل إساءته ، يدل عليه قوله تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] ، وقال تعالى : { وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [ البقرة : 237 ] . وقد روي " عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام ، عن الله تبارك وتعالى في تفسير قول الله تعالى : { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } [ الأعراف : 199 ] ، قال : " تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتعطي من حرمك " ، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } [ النساء : 86 ] من العفو والإحسان والإساءة ، { حَسِيباً } [ النساء : 86 ] محاسباً ، { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 - 8 ] . { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ النساء : 87 ] ؛ يعني : كان الله في الأزل ، { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ النساء : 87 ] أي : لم يكن معه أحد يوجد الخلق من العدم ، { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } [ النساء : 87 ] في العدم مرة أخرى إلى أخرى إلى أخرى { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } [ النساء : 87 ] ، فيغرقكم فيها ، { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [ الشورى : 7 ] ، { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [ القمر : 55 ] ، { لاَ رَيْبَ فِيهِ } [ النساء : 87 ] ، لا شك في الرجوع إلى هذه المنازل والمقامات ، { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } [ النساء : 87 ] ، ليحدثكم بمصالح دينكم ودنياكم ومفاسد أخراكم وأولاكم ، ويهيدكم إلى الهدى وينجيكم من الردي .