Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 17-20)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ } [ غافر : 17 ] في بذل الوجود للمعبود ، { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } [ غافر : 17 ] ؛ يعني : يوم التجلي يكون بقدر بذل الوجود نيل الجود ، فإن الحطب بقدر بذل الوجود المجازي ينال من جود النار بلا ظلم على الحطب من النار ، بأن تأخذ وجود شيء من الحطب ولا تجود عليه من النارية بشيء ، { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [ غافر : 17 ] للعباد عند جريان هذه الأحكام ؛ إذ جاء الحق وزهق الباطل بالسرعة . { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ } [ غافر : 18 ] ، إن كانت قيامة العوام مؤجلة ، فقيامة الخواص معجلة لهم في كل نفس قيامة من العتاب والعقاب والثواب ، والبعاد والاقتراب ، وما لم يكن لهم في حساب وشهادة الأعضاء فالدمع يشهد ، وخفقان القلب ينطق ، والتحول يخبر ، واللون يفضح ، والعبد يستر ، ولكن البلاء يظهر ، وإذا أزف فناء الصفات بلغت القلوب الخناجر ، وعيونهم شرفت بدموعها ، { مَا لِلظَّالِمِينَ } [ غافر : 18 ] على أنفسهم بحمل أمانة المحبة { مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } [ غافر : 18 ] ، يستغيثون به فيسقي في حقهم بالمساعدة ؛ لخلاصهم من ورطة الهلاك ، { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } [ غافر : 19 ] ، فخائنة أعين المحبين استحسانهم شيئاً غير المحبوب ، والنظر إلى غير المحبوب خائنة أعين القلوب ، وفي معناها قيل فقلت : إذا استحسنت غيركم أمرت الدموع بتأديبها { وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } [ غافر : 19 ] من متمنيات النفوس ، ومستحسنات القلوب ، ومرغوبات الأرواح ، فالحق تعالى بها خبير ، ويكون السالك موقوفاً بها حتى يخرج عن تعلقها . وبقوله تعالى : { وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ } [ غافر : 20 ] ، يشير إلى أن الحق تعالى هو الذي يخرج السالكين عن تعلقات أوصافهم على ما قضى به وقدر في الأزل ، لا عاملين عليها وإن كان بواسطة أعمالهم كقوله تعالى : { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ البقرة : 257 ] وإن كان بواسطة إيمانهم وأعمالهم الصالحة ، وكذلك يقضي الأجانب بالبعاد ، وبالوصال لأهل الوداد ، { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } [ غافر : 20 ] في الأزل قد سمع سؤال أهل الحوائج وهم بعد في العدم بلا وجود ، وكذلك سمع أنين نفوس المذنبين ، وحنين قلوب المحبين وهم مسبوقون بالعدم ، { ٱلْبَصِيرُ } [ غافر : 20 ] بحاجاتهم وبقضاء حوائجهم .