Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 7-11)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن أحوال حملة العرش وأعمالهم بقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } [ غافر : 7 ] ، يشير إلى أن الملائكة كما أمروا بالتسبيح والتحميد والتمجيد لله تعالى فكذلك أمروا بالاستغفار والدعاء لمذنبي المؤمنين ؛ لأن الاستغفار للذنب . ويجتهدون في الدعاء لهم فيدعون لهم بالنجاة ، ثم برفع الدرجات كما قال تعالى : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } [ غافر : 7 ] فارحمهم وأعف عنهم ما علمت لهم ومنهم ، وبقوله : { فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ } [ غافر : 7 ] ، يشير إلى أنه الملائكة لا يستغفرون إلا لمن تاب ورجع عن إتباع الهوى ، واتبع بصدق الطلب وصفاء النية سبيل الحق تعالى وبقوله : { وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } [ غافر : 7 ] ، يشير إلى أن بمجرد التوبة لا تحصل النجاة إلا بالثبات عليها ، وتخليص العمل عن شوب الرياء والسمعة ، وتصفية القلب عن الأهواء والبدع . وبقوله : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } [ غافر : 8 ] ، يشير إلى أن بركة الرجل التائب تصل إلى آبائه وأزواجه وذرياته لينالوا بها الجنة ونعيمها ، { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ } [ غافر : 8 ] تعز التائبين وتحبهم وإن أذنبوا ، { ٱلْحَكِيمُ } [ غافر : 8 ] فيما لم تعتصم محبتك عن الذنوب ، ثم يتوب عليهم . { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ } [ غافر : 9 ] ؛ يعني : بعد أن تابوا ؛ لئلا يرجعوا إلى المعاصي والذنوب ، { وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ غافر : 9 ] ، يحيلون الأمر فيه إلى رحمته ، وبرحمته لئن سلط على المؤمنين أراذل في خلقه وهم الشياطين فقد قيض بشفاعة أفاضل من خلقه وهم الملائكة المقربون . ثم أخبر عن أراذل الخلق دون الأفاضل بقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ } [ غافر : 10 ] ، يشير إلى أن مقت الحق تعالى مودع في محبة العبد نفسه ؛ لأنها أعدى عدوه ، وقد صرف محبة الله الذي هو أحب محبته إلى أعدى عدوه بدل صفته فمقته الله عز وجل ؛ فمعنى الآية : إن العبد لو مقت نفسه في الله لكان أحبه ولم يمقته ، فلما أحب نفسه ولم يمقتها في الله ومقت الله له يضره نفسه فمقته الله ، فمقت الله للعبد أكبر على العبد من مقته نفسه ؛ لأن مقته لنفسه ينفعه وينفع نفسه ومقت الله له يضره نفسه ، ولأن أشد العقوبات التي توصل الحق إلى العباد آثار سخطه وغضبه ، وأجل النعم التي يفردها بها آثار رضاه عنهم ، فإذا عرف الكافر في الآخرة أن ربه عليه غضبان فلا شيء أصعب على قلبه منه على أنه لا بكاء ينفعه ، ولا غناء يزيل عنه ما هو فيه ويدفعه ، ولا يسمع له تضرع في الآخرة ولا ترجى له حيله ، { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } [ غافر : 10 ] . { قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } [ غافر : 11 ] إماتة القلوب وإحياء النفوس ، إماتة الأبدان وإحياؤها بالبعث { فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا } [ غافر : 11 ] ، وإن كان تقدير الأعمال والإماتة والإحياء منك { فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } [ غافر : 11 ] اليوم بنوع من الأعمال ، ولما لم يحبهم الله ؛ لأنه لا سبيل لكم إلى الخروج من النار بنوع من الأعمال فلعله خلى موضع الرجاء بكرمه .