Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 38-45)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا } [ الزخرف : 38 ] حين انكشف غطاء الحجب عن بصره بهبوب نفحات ألطافه بيَّن خيانة قرينه وندم على صحبته ، { قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } [ الزخرف : 38 ] وهذه الندامة لا تنفع لمن فاته الوقت وأدركه المقت بشؤم قرينه السوء ، كما قال تعالى : { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } [ الزخرف : 39 ] التابع والمتبوع من أهل الأهواء والبدع . وبقوله : { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ الزخرف : 40 ] يشير إلى أن من شددنا بصيرته ولبسنا عليه رشده ، ومن صببنا في مسامع قلبه رصاص الشقاء والحرمان لا يمكنك يا محمد مع كمال نبوتك هدايته ، وإسماعه في عين عنايتنا السابقة ورعايتنا اللاحقة ، وبقوله : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } [ الزخرف : 41 ] ، { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } [ الزخرف : 42 ] يشير إلى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم إنه تعالى ينتقم من أعدائه ومنكريه إما في حال حياته وإما بعد وفاته ، وإنه لقادر على الانتقام منهم بواسطة كما كان يوم بدر ، وبغير واسطة كما كان في زمان أبي بكر رضي الله عنه وغيره ، فبذلك أشبه على حد الخوف والرجاء ووفقه على وصف التجريد لاستبداده على الغيب ، وكذلك المقصود في أمر كل أحد أن يكون من جملة نظارة التقدير ويفعل الله ما يريد ، ثم قال : { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ } [ الزخرف : 43 ] ؛ أي : فاعتصم بالقرآن فإنه حبل الله المتين بأن تتخلق بخلقه ، وتدور معه حيث يدور ، وتقف حيث ما أمرت ، وثق { إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الزخرف : 43 ] تصل به إلى حضرة جلالنا ، { وَإِنَّهُ } [ الزخرف : 44 ] ؛ أي : القرآن { لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] به شرف الوصول لك وبمتابعتك ، { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [ الزخرف : 44 ] عن هذا الشرف والكرامة هل أديتم حقه وقمتم بأداء شكره سعياً في طلب الوصال والوصول ، أم ضيعتم حقه وجعلتموه وسيلة الاستنزال إلى الدرك الأسفل ، بصرفه في تحصيل المنافع الدنياوية والمطالب النفسانية ؟ وبقوله : { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [ الزخرف : 45 ] يشير إلى أن بعثة جميع الرسل كانت على { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } [ يوسف : 40 ] مع الله إلهاً آخر من النفس والهوى والشيطان ، أو شيء من الدنيا والآخرة كقوله : { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [ البينة : 5 ] ؛ أي : ليقصدوه فإنه المقصود ، ويطلبوه فإنه المطلوب والمحبوب والمعبود .