Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 46-50)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن حالة رسالة موسى عليه السلام بقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ الزخرف : 46 ] يشير إلى ظلومية الإنسان وجهولية كفران نعمة ربه ، إذ يرسل إليهم رسولاً كريماً بدلائله وحجته الظاهرة الباهرة ، وهي معجزاته إلى فرعون ، وهو فرعون النفس { وَمَلإِيْهِ } ؛ أي : صفاتها ، { فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ } [ الزخرف : 47 ] ؛ ليسعدوا وينتبهوا وينتفعوا بها { إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } [ الزخرف : 47 ] فقوبل بالهزأ والضحك والتكذيب ، { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } [ الزخرف : 48 ] والله تعالى لم يتبع تلك الآيات والدلالات بشيء إلا كان أوضح مما قبله ، ولم يقابلوه إلا بجفاء أوحش مما قبله من ظلومية طبع الإنسان وكفوريته ، وبقوله : { وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الزخرف : 48 ] يشير إلى أن من جهولية نفس الإنسان ألا يرجع إلى الله على أقدام العبودية إلا إن تجرد بسلاسل البأساء والضراء إلى الحضرة ، كما قال تعالى : { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ } [ فصلت : 51 ] ، ولهذا لما عظم الأمر وضاق نطاق بشريتهم { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ } [ الزخرف : 49 ] وما قالوا مع هذا الاضطرار بها يا أيها الرسول ، { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [ الزخرف : 49 ] ؛ لأنهم ما رجعوا إلى الله بصدق النية وخلوص العقيدة ليروه بنور الإيمان رسولاً ويرون الله ربهم ، وإنما رجعوا بالاضطرار لخلاص أنفسهم لا لإخلاص قلوبهم قالوا : { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } [ الزخرف : 49 ] ؛ أي : لنؤمنن بك وبربك ، فدعا موسى عليه السلام وأجابه ربه فكشف عنهم فعادوا إلى كفرهم ونقضوا عهدهم وذلك قوله تعالى : { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } [ الزخرف : 50 ] .