Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 19-22)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [ الجاثية : 19 ] ؛ يعني : إن أراد الله بك نعمة فلا يقدر أحد على منعها ، وإن أراد بك فتنة فلا يقدر أحد أن يصرفها عنك ، فلا تعلق لمخلوق فكرك ، ولا تتوجه بضميرك إلى غيرنا ، وثق وتوكل علينا . { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [ الجاثية : 19 ] ؛ لمناسبة فيما بينهم يتعلق بعضهم ببعض لقضاء حوائجهم ، سماهم : الظالمين ؛ لأنهم وضعوا الشيء في غير موضعه ، وسُمي المؤمنين : المتقين ؛ لأنهم اتقوا عن هذا المعنى ، فاتخذوا الله الولي في الأمور كلها ، وذلك قوله : { وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ } [ الجاثية : 19 ] ؛ لأنهم اتقوا به عما سواه { هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ } ، يعني : اتخاذ الله الولي والاتقاء به عما سواه للناسين الغافلين عن الله موجب البصيرة ، { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ الجاثية : 20 ] ؛ أي : المستعدين للوصول إلى مقام اليقين بأنوار البصيرة ، إذا تلألأت انكشف بها الحق والباطل ، فنظر الناس على مراتب ، فمن ناظر بنور العقل ، ومن ناظر بنور الفراسة ، ومن ناظر بنور الإيمان ، ومن ناظر بنور العرفان ، ومن ناظر بنور العيان ، ومن ناظر بنور العين ؛ فهو على بصيرة شمسها طالعة وسماؤها على السحاب مصبحة . وبقوله : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ الجاثية : 21 ] ، يشير إلى أن من حفظناه بالخذلان في حضيض الضعة لمن رفعناه في هواء المنعة ، ومن أخذناه بيده فنعتناه كمن رأسه الخذلان فرحمناه ، ومن بعد بذل جهله واستفراغ وسع وإسبال دمع وإحراق قلب عذرناه فرحمناه ، كمن يبسط وقت أنس حال وروح لطف حففناه فرفعناه وسكرناه ، ثم قربناه وأدنيناه ، ثم أفنيناه عن أنانيته ، ثم أبقيناه ببقائنا ، وذلك حقيقة قوله : { سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ } [ الجاثية : 21 ] ؛ أي : سواء قوم محياهم ومماتهم بهواهم وطبعهم ، وقوم محياهم بنا ومماتهم فينا { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ الجاثية : 21 ] . { وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الجاثية : 22 ] سماوات القلوب ، { وَٱلأَرْضَ } [ الجاثية : 22 ] ، أرض النفوس { بِٱلْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [ الجاثية : 22 ] ، بترك الهوى ، { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ الجاثية : 22 ] في المجازات بغير الاستحقاق .