Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 11-14)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً } [ الأحقاف : 11 ] ؛ يعني : الذين { مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } [ الأحقاف : 11 ] ، مثل هؤلاء الأراذل ، هذا نوع من أنواع مكر النفس ليتوهم بها براءة ذمتها عن إنكار الحق ، والتمادي في الباطل ، { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } [ الأحقاف : 11 ] ؛ أي : بما ليس من مشاربهم ، وما هم من أهل ذوق الإيمان بالقرآن به وبالمواهب الربانية ، { فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } [ الأحقاف : 11 ] . وبقوله : { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً } [ الأحقاف : 12 ] ، يشير إلى أن التوراة إنما أنزلت على موسى قبل القرآن ؛ لتكون إماماً لمن آمن بها في الإيمان بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم إذ مشروح فيها أحوال حقيقتها ، وتكون رحمة بأن يؤمنوا بهما ، { وَهَـٰذَا } [ الأحقاف : 12 ] ؛ يعني : القرآن { كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ } [ الأحقاف : 12 ] ؛ يعني : للكتب المنزلة المشروحة فيها الوصية بالإيمان بمحمد ، وأخذ الميثاق من النبيين وجميع الأمم على الإيمان والنصرة لدينه ، { لِّسَاناً عَرَبِيّاً } [ الأحقاف : 12 ] ، أي : بلسان عربي ؛ لأن قومه عرب { لِّيُنذِرَ } [ الأحقاف : 12 ] اليهود والنصارى ، { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } [ الأحقاف : 12 ] ، ظلموا أنفسهم بأن قالوا : عزير ابن الله ، والمسيح ابن الله ، وغيروا ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته في التوراة والإنجيل ، و { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } [ النساء : 46 ] ، { وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } [ الأحقاف : 12 ] ، الذين آمنوا بجميع الأنبياء والكتب المنزلة ، ( وهدوا إلى الصراط المستقيم ) ، وثبتوا على الدين القويم . ثم أخبر عن سلامة أهل الاستقامة قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } [ الأحقاف : 13 ] ، يشير إلى أنهم قالوا : { رَبُّنَا ٱللَّهُ } من بعد استقامة الإيمان في قلوبهم ، { ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } بجوارحهم على أركان الشريعة ، وبأخلاق نفوسهم على آداب الطريقة بالتزكية ، وبأوصاف القلوب على التصفية ، وبتوجيه الأرواح على التحلية بالتخلق بأخلاق الحق ؛ فقالوا : { رَبُّنَا ٱللَّهُ } باستقامة الإيمان ، { ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } بالنفوس على أداء الأركان ، وبالقلوب على الإبقاء ، وبالأسرار على العرفان ، وبالأرواح على الإحسان ، وبالإخفاء على العيان ، وبالحق على الفناء بأنانيتهم والبقاء بهويته ؛ { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } [ الأحقاف : 13 ] بالانقطاع ، { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ الأحقاف : 13 ] على ما فات لهم من خطاب الدارين ، { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } [ الأحقاف : 14 ] جنة الوحدة { خَالِدِينَ فِيهَا } [ الأحقاف : 14 ] ، فانين عن الاثنينية باقين بالوحدة { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأحقاف : 14 ] في استقامة الأعمال مع الأقوال .