Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 15-18)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } [ الأحقاف : 15 ] ، يشير إلى رعاية الحق الوالدين على جهة الاحترام ، لما عليه لهما من حق التربية والإنعام ؛ ليعلم أن رعاية حق الله تعالى على جهة التعظيم ، لما عليه له في حق الربوبية ، وأنعام الوجود أحق وأولى وفي إثبات حق الوالدين ، قال : { وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } [ الأحقاف : 15 ] ، فحق من كان في شأنه بالتقدير والقسمة والخَلق والخُلق والرزق والأجل ، حتى إذا بلغ أشده في النبوة في الولاية والإيمان والإسلام من الأزل إلى الأبد أثبت وأعظم ، كما أشار إلى هذا المعنى . بقوله : { قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ } [ الأحقاف : 15 ] ، وفقني { أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ } [ الأحقاف : 15 ] ، فيه إشارة إلى ألا يمكن للعبد أن يعمل عملاً يرضى به ربه إلا بتوفيقه وإرشاده . وبقوله : { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [ الأحقاف : 15 ] ، يشير إلى أن صلاحية الآباء تورث الصلاحية للأبناء . وبقوله : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } [ الأحقاف : 16 ] ؛ يعني : الأبناء على جزاء ما أحسنوا مع الآباء ، يشير إلى أن بر الوالدين إذا كان مشروطاً بقبول الطاعة ، والتجاوز عن السيئات موعود بنعيم الجنات ، فكيف لمن يؤدي حقوق الربوبية بالقيام بحق العبودية ؛ فيفني ناسوتيته في لاهوتية ربه - تبارك وتعالى - فهل له جزاء إلا ما وعده ربه جل جلاله بقوله : " كنت له سمعاً وبصراً ولساناً ويداً … " الحديث . وبقوله : { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ … } [ الأحقاف : 17 ] الآية ، يشير إلى ذم الذين اتصفوا في حقهما بالتأفيف ، وفي ذلك تنبيه على ما وراءها من التأفيف ، فحكم أن صاحبه من أهل الخسران ، والخسران نقصان في الإيمان ؛ فكيف بمن خالف مولاه ، وبالعصيان أداء كما قال : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } [ الأحقاف : 18 ] .