Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 12-15)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ محمد : 12 ] ؛ إذ هو مولى لهم بنصرهم ، { جَنَّاتٍ } [ محمد : 12 ] وهي جنات القلوب ، { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [ محمد : 12 ] والفضائل والمناقب والمواهب ، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ محمد : 12 ] ؛ أي : النفوس المتمردة { يَتَمَتَّعُونَ } [ محمد : 12 ] بمتاع الدنيا ، { وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ } [ محمد : 12 ] ؛ للحظوظ النفسانية لا للحقوق الربانية ، { وَٱلنَّارُ } [ محمد : 12 ] نار القطيعة { مَثْوًى لَّهُمْ } [ محمد : 12 ] مقام لهم . { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ } [ محمد : 13 ] ، يشير به إلى روح الإنسان وقرية قالبه ؛ أي : كم من قالب هو أقوى وأعظم من قالبك ، الذي يخرج منه ، { أَهْلَكْنَاهُمْ } [ محمد : 13 ] بالموت ، { فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } [ محمد : 13 ] في دفع الموت عنهم ؛ فانتبه واعتبر . { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } [ محمد : 14 ] بإراءته آياته في الآفاق وفي نفسه ، عند تصفية مرآة قلبه عن صدأ أخلاقه الذميمة النفسانية ، فيكاشفه شواهد الحق معانيه ، { كَمَن زُيِّنَ لَهُ } [ محمد : 14 ] بتسويلات النفس ، وإلقاء الشيطان وتزينه { سُوۤءُ عَمَلِهِ } [ محمد : 14 ] بالبدعة ومخالفة الشرع ، { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } [ محمد : 14 ] في العقائد القلبية والأعمال القالبية . وبقوله : { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ } [ محمد : 15 ] ، يشير إلى جنة قلوب أرباب الحقائق ، الذين هم على بينة من ربهم ، التي وعد من اتقى بربه عما سواه فيها أنهار { مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ } [ محمد : 15 ] ، وهو ماء حياة القلوب ؛ فإنه لم يأسن بطول المكث ، بل يزداد طيبه ، { وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ } [ محمد : 15 ] ، وهو لبن الفطرة التي فطر الناس عليها ، { لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ } [ محمد : 15 ] بحموضة الأهواء والبدع ، { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } [ محمد : 15 ] ، وهي خمر الشوق والمحبة ، كما قال شاربها : @ شربت الحب كأساً بعد كأس فما نفد الشراب وما رويت @@ { وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ } [ محمد : 15 ] ، وهو عسل الوصال { مُّصَفًّى } [ محمد : 15 ] ، عن كدر الملال بمشاهدة الجمال ، منزهة عن المثل والمثال بلا زوال ولا انتقال ، فمن الحس عسل اللقاء أنس على الدوام ببقائه ، ولم يطلب مع بقائه شيئاً آخر لا من عطائه ولا من لقائه ؛ لاستهلاكه في علائه عند سطوات كبريائه ، { وَلَهُمْ فِيهَا } [ محمد : 15 ] في جنة القلوب { مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } [ محمد : 15 ] ، التي جنت أرباب الحقائق من شجرة الكلمة الطيبة ، { وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } [ محمد : 15 ] ، يغفر عنهم ذنب وجودهم ، { كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ } [ محمد : 15 ] ؛ أي : مثل أرباب اللقاء - كما مر ذكرهم - كمثل أصحاب الشقاء وخلودهم في نار الجفاء ، { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً } [ محمد : 15 ] من عين الهجران بكأس الخذلان { فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } [ محمد : 15 ] من الحرمان .