Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 32-41)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله : { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ … } [ الطور : 32 ] ، إلى قوله : { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ الطور : 43 ] ، يشير إلى سفه أحلامهم ، وركاكة عقولهم ، وخسة نفوسهم ، وقصر نظرهم ، وغلبة حسهم ، واستغراقهم في الغفلة إلى غاية . تفسير عين الحياة { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ } [ الطور : 32 ] ؛ يعني : أيتها القوى المنكرة المكذبة ، أتأمركم عقولكم بالإنكار على أهل الحق والتكذيب ؛ لما يقولون صدقاً حقاً ، { أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } [ الطور : 32 ] ، أم هذه القوى المنكرة الطاغية قوم طردهم الله عن حضرته ؛ لما عرف من طغيان قواهم المكدرة بالهوى ، المتلوثة بالحظوظ الباطلة . { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ } [ الطور : 33 ] ؛ يعني : أم تقول هذه القوى المنكرة : إنك تنشدت بفصاحتك ، ويختلف هذا الوارد من عند نفسك ، وتسحر قلوب المستمعين ببيانك ؛ ليكونوا تبعاً لك ، { بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ الطور : 33 ] ، بما يقول أهل الحق من الحق بحكم الوارد الخفي الجلي . قل لهم : { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } [ الطور : 34 ] ، يعني : أيتها القوى القالبية والنفسية الغير مزكاة : إن كنتم تدعون أن اللطيفة الخفية تقول من عند نفسها مما تخير من حقيقة الطور ، وبقاء النقش المسطور في الرق المنشور ، والتنعم في البيت المعمور والسقف المرفوع ، والمعالم في البحر المسجور بعد البعث من القبور ، فلتأتوا أنتم أيضاً من عند أنفسكم { بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } في هذا الحديث . { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ } [ الطور : 35 ] ، يعني : أيتها القوى المنكرة أنتم تظنون أنكم خلقتم من غير خالق ، { أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ } [ الطور : 35 ] ؛ يعني : أم أنتم خلقتم أنفسكم ، { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } [ الطور : 36 ] ؛ يعني : أأنتم خلقتم سماوات روحانيتكم وأرض بشريتكم ، وأنتم عاجزون عن جذب نفع أنفسكم ، ودفع ضر عن أنفسكم ، فكيف تقدرون على خلق أنفسكم وخلق سماوات روحانيتكم وأرض بشريتكم ؟ ! { بَل لاَّ يُوقِنُونَ } [ الطور : 36 ] ، بهذه المعارف لغلظة غلظاء غفلتهم ، وكثافة حجاب جهلهم ، ولا تعلمون أن هذه المعارف من مواهب الحق ، لا يمكن لأحد من المخلوقين أن يتكلم بها إلا بإلهامه . { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ } [ الطور : 37 ] رحمة { رَبِّكَ } [ الطور : 37 ] ، يعطونها لمن يشاءون ويمنعونها ممن يشاءون ، { أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } [ الطور : 37 ] ، أم هم المسلطون على خزائن مواهب الرب ودفائن معارفه ، يعملون بها ما يشاءون ، ويتصرفون فيها كما يريدون . { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } [ الطور : 38 ] ؛ يعني : أم لهم استعداد الإشراف على [ الوحي ] { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [ الطور : 38 ] ؛ يعني : لم يكن لأحد أن يجعل من استعداده سلماً باختياره وقوته ، ويسمع من الحق تعالى الحقيقة أو من أهل الغيب اللطائف الغيبية ، وبقدر إتيان مثل هذه الحكمة التي نحن نلهم اللطيفة الخفية . { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } [ الطور : 39 ] ؛ يعني : تقول القوى الروحية الأنسية بالهوى المدنية بالنفس أن القوى الفاعلة منهم والقوى القابلة من اللطائف ، لا يعرفون أن جميع القوى من اللطيفة الفائضية من الحق طارت ، ووصلت إلى كل ذرة من ذرات الموجودات وقت مد بحرها في عالم التفرقة ، ثم جمعتها عند الحرز في عالم الجمع ، فالقوى التي أنتم تجدون في نفوسكم ، هي : القوى المودعة فيكم وقت المد الذي أنتم بها قائمون باقون . { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } [ الطور : 40 ] ؛ أي : تسألهم اللطيفة المرسلة أجراً بإرسالها إليكم المعاني الواردة الهادية لكم إلى الصراط المستقيم ، فيثقل عنكم من الأجر ، فأنتم تنكرونها ولا تقبلون هديها . { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } [ الطور : 41 ] ، يعني : أم تعلم القوى الروحية المدنسة بشهوات النفس ، المستأنسة بطبيعة الهوى علم الغيب ؛ فيكتبون ما يجري في الغيب بأن يحكموا على أن اللطيفة المرسلة تحتهم على هذا الطريق من تلقاء نفسها ، وتهديكم إلى سبيل الرشاد ؛ ليكثر أتباعها .