Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 27-31)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } [ النجم : 27 ] ، لكن نظرهم مقصوراً على صورها وقلة عقلهم بمعناها ، يزعمون أن القوى واللطائف بنات الله ، { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ } [ النجم ؛ 28 ] ؛ أي غير متيقن بما يزعمون { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } [ النجم : 28 ] ؛ يعني : لا يصل الظن إلى حد يحكم عليه بخفية الشيء المظنون ؛ لأن فوق الظن العلم ، وفوق العلم الصحيح السماعي علم اليقين المكاشفي ، وفوق علم اليقين المكاشفي عين اليقين وهو العلم المشاهدي ، وفوق عين اليقين المشاهدي حق اليقين مما يتعلق بالوصول ، وفوقه حقيقة حق اليقين مما يتعلق بالذوق ، ومثاله في عالم الشهادة علمك بأن هذه الشجرة تحمل رماناً فيه حياة مثل العسل ، ولكل حبة نبت خاص وطعم حلو كأنه سكر معقود وشراب مروق ، والشجرة كانت شجرة رمان ، فاعتقادك بما يخرج عن هذه كما سمعت عن الدهقان ؛ هو اعتقاد صحيح علمي ، فإذا أخضرت الشجرة وأزهرت فشاهدتها زاد علمك السماعي وتبدل بعلم اليقين ، وإذا انتشرت الزهرات خرج منها درج الرمان ، وشاهدته تبدل علمك علم اليقين الكشفي بعين اليقين ، كمال حده واقتطفته وشققته وشاهدت حباته ، والبيوت التي وصفها الدهقان لكل حبة صار عين اليقين ، فإذا أكلته وذقته ووصل إلى حلقك حلاوته ، واختلط بوجودك شرابه ، وصار هو أنت ولطيفتك المدركة هو ، فصار حق اليقين في هذا المقام حقيقة حق اليقين . { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } [ النجم : 29 ] ؛ يعني : لا يصل إلى مرتبة علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين وحقيقة حق اليقين أحد إلا بذكرنا ، فمن كان معرضاً عن ذكرنا فهو صاحب ظن وتخمين ، فأعرض عنه ولا تسمع كلامه ؛ لأنه لا يقول إلا ظناً و { ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } [ يونس : 36 ] ، وإعراضه عن ذكرها فأعرض عن قولي : { عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } [ النجم : 29 - 30 ] ؛ لأنهم ما وصلوا إلى حقيقة العلم لكون نظرهم مقصوراً على ظاهر الحياة الدنيا ؛ التي هي متاع قليل من الحياة الأخروية التي هي الحياة بالحقيقة ؛ لأنها دائمة ليس لحالها ماض ولا مستقبل ، { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } [ النجم : 30 ] ؛ يعني : هو أعلم بالقوة الضالة عن سبيل الهدى ، وأعلم بالقوة المهتدية إلى الصراط المستقيم ، وهو يجازيهم بما عملوا في دار الكسب ، { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ النجم : 31 ] من القوى القالبية والنفسية ، والقلبية والروحية ، { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ } [ النجم : 31 ] ، يعني : بالقوة السفلية العاجزة القالبية والنفسية ، والقلبية والروحية يجزيهم الله بالقوى الأرضية الدركات وما فيها ، { وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } [ النجم : 31 ] ؛ أي : يجزي القوى العلوية بما أحسنوا من الإيمان بالله ورسوله وبآياته البينات بالحسنى ؛ التي هي جزاء أعمالهم الحسنة ، التي هم كسبوها .