Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 32-39)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ } [ النجم : 32 ] يحذرون من الكفر بالله والشرك به ؛ لأنها من الكبائر ، وترك طاعته كسالة ورجاء المغفرة وهو من الفواحش ، إلا اللمم إذ الإنسان خلق من الأضداد فلا يمكن له الاحتراز عن اللمم ، وهو لمة تلم به من تلك الأضداد عند انبعاث قوتها ، ونرجو من الله أن يعفو عنا كل ما يطرأ علينا من غير انخرام النية على إباحته خاصة على ما ندم صاحبه من الملامة به ، ومن ارتكابه تلك اللمة ، وهو الغفور العفو الرءوف يغفر ويعفو ويرأف على عبده المبتلي بالأضداد في دار الابتلاء ، النادم بقلبه على ذنبه المستغفر من ربه ، { إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } [ النجم : 32 ] ، واسمه الغفور يدل على أنه واسع المغفرة ، وبه يغفر الذنوب الذاتية جميعها ، كما يغفر باسم غافريته الذنوب الصفاتية ، وبغفاريته الذنوب الأفعالية ، وبعفويته الذنوب الآثارية ، وإن لم يتب من نسيان وغفلة منها فباسم غفوريته يغفر إذا تاب من الفواحش ، وشرح غفوريته بما يتعلق بمطلع القرآن ، ومما يطوي سره لا مما يروي حقيقة ، { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ } [ النجم : 32 ] ؛ يعني : بما حصل لكم من القوى المعدنية السفلية الخبيثة ، { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } [ النجم : 32 ] ؛ يعني : بما لكم من القوى النباتية والحيوانية الفاسدة التابعة للهوى ، المقبلة على الرديء المعرضة عن المولى ، { فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [ النجم : 32 ] ، إذ نفسكم غير زكية بما حصل لها من القوى المعدنية الأرضية ، والقوى النباتية والحيوانية ، { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } [ النجم : 32 ] ؛ يعني : الله أعلم بمن وفق ؛ لأن يبقى في القوى التابعة للهوى ، ويجتهد في تزكية نفسه من الأخلاق الردية الحاصلة له من السفليات . { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } [ النجم : 33 ] عن الحق ، { وَأَعْطَىٰ } [ النجم : 34 ] الحظ للقوى السفلية ، { قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } [ النجم : 34 ] على القوى العلوية حقها ؛ يعني : منع الحق عنها ، { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } [ النجم : 35 ] ؛ أي : عنده علم ما أودعناه يوم الجزاء لمن يعطي الحظ للقوى السفلية ، ويمنع الحق عن القوى العلوية ، فهو يرى ذلك الجزاء . { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } [ النجم : 36 - 37 ] ؛ أي : أم لم يخبر بما في الصحف اللطيفة السرية والقلبية المبلغة لطائفها إلى أمم القوى بالتمام والكمال ، { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [ النجم : 38 ] ؛ يعني : لا يحمل وزر قوة نفسية على قوة قالبية ، { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } [ النجم : 39 ] ؛ يعني : أبلغي أيتها اللطيفة الخفية إليهم أن ليس في الدار الآخرة لأحد إلا ما سعى في دار دنياه خيراً كان أم شراً .