Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 19-27)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } [ القمر : 19 ] شديدة الهبوب من ريح هواهم المكدرة { فِي يَوْمِ نَحْسٍ } [ القمر : 19 ] ريحية من أيام عنصره { مُّسْتَمِرٍّ } [ القمر : 19 ] دائم بنحوسيته ، { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ } [ القمر : 20 ] ؛ أي : تقلع القوى الريحية الهوائية شجرة القوى الناسية التناسية مع أغصان إنسانيتها ، وترمي بها على رقبة روحانيتهم { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [ القمر : 20 ] ، منقطع من مكانه ساقط أرض البشرية لميلانه إلى الهوى ، وإشارته إلى النخل في هذا المقام كانت لحكمه ؛ وهي أن النخل أفق النباتات القريبة إلى حد الحيوان . واعلم أن الأيام سبعة ، فبإزاء كل مفردة سفلية وعلوية ، فالسبت يوم التراب ، والأحد يوم الماء ، والاثنين يوم الهواء ، والثلاثاء يوم النار ، والأربعاء يوم النور ، والخميس يوم الحياة ، والجمعة يوم الوجود ، وبياضية جوهرية صور هذه المفردات يومها ، وسوادية مادية قابلية هذه المفردات إليها ، وكشف سر أيامها ولياليها بتعلق بحد القرآن . واعلم لطيفة أخرى في خصوصية كل يوم من الأيام بلطيفة من اللطائف السبع ، فالسبت مختص باللطيفة القالبية الآدمية ، والأحد مختص باللطيفة النفسية النوحية ، والاثنين مخصوص باللطيفة القلبية الإبراهيمية ، والثلاثاء مخصوص باللطيفة السرية الموسوية ، والأربعاء مخصوص باللطيفة الروحية الداودية ، والخميس مخصوص باللطيفة الخفية العيسوية ، والجمعة مخصوص باللطيفة الخفية المحمدية ؛ ولأجل هذا استوى الرحمن على عرش الجمعة ، واستوت الأيام الستة على عرش الجمعة . كما أشار إلى هذا السر في كلامه المجيد ، حيث قال : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } [ الأعراف : 54 ] ، واعلم أن عرش حكمته القالب الشهادي ، وعرش قدرته اللطيفة القالبية ، وعرش إرادته اللطيفة النفسية ، وعرش علمه اللطيفة القلبية ، وعرش كلامه اللطيفة السرية ، وعرش بصره اللطيفة الروحية ، وعرش علمه اللطيفة الخفية ، وعرش حياته اللطيفة الخفية التي كانت اللطائف بها قائمة ، { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [ القمر : 21 ] ؛ يعني : تفكر أيها القارئ في كيفية عذابي وتذكر أيها المتذكر إجابة دعاء النذر ، { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [ القمر : 22 ] ؛ يعني : سهلنا قراءة كلامنا على الألسنة ، فهل من يتذكر بالقلب من الآيات التي يقرأها باللسان . { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } [ القمر : 23 ] ؛ يعني : القوى القالبية المكذبة ، كذبت اللطيفة المطهرة المرسلة إليها ، وإنذارها بالآيات البينة القهرية المنزلة على القوى القالبية المكذبة السالفة ، { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } [ القمر : 24 ] ؛ يعني : هذا المنذر بشر مثلنا واحد منا ، كيف نتبعه ونترك آلهة هدانا ؟ ولو نترك دين طبيعتنا المستقيمة التي صارت عادتنا ، إنما إذا ألقي خطأ وبعد عن الحق ، ولا يكون هذا إلا من قلة عقلنا وهيماننا في أمرنا ، { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا } [ القمر : 25 ] وحده مع أن فينا من كان أحسن منه وجهاً ، وأنظف ثياباً وأكثر أموالاً وتبعاً ، { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } [ القمر : 25 ] متكبر بطر يريد أن يتفوق علينا ويتخذنا هزواً ، ويستخدمنا فيما يشاء . { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } [ القمر : 26 ] ؛ يعني : سوف يعلم القوي المكذب إذا نزل عذابنا من الكذاب الأشر البطر المتكبر ، { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ } [ القمر : 27 ] ؛ يعني : أرسلنا ناقة الشوق والواردات الوجدية فتنة واختباراً وابتلاءً للقوى القالبية المكذبة للطيفة المستخلصة عن الكدورات ، { فَٱرْتَقِبْهُمْ } [ القمر : 27 ] أيتها اللطيفة المرسلة ، { وَٱصْطَبِرْ } [ القمر : 27 ] على إيذائهم لك عند ورود الواردات الوجدية حالة السماع على القوى القالبية المكذبة ، بحيث يقولون : إنه مرائي يريد بإظهارها منه حالة أن يسخر قلوب الحاضرين .