Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 28-37)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَنَبِّئْهُمْ } [ القمر : 28 ] ؛ أي : أخبرهم { أَنَّ ٱلْمَآءَ } [ القمر : 28 ] ؛ أي : ماء الحياة { قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } [ القمر : 28 ] وبين الناقة الشوقية ، { كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } [ القمر : 28 ] ؛ يعني : كل نصيب محضرة من كان يشرب الماء نصيبه ، وحظ السالك من هذه الآية أن يجعل شرب حياته نصيب الناقة شوقه عند ورود واردات الوجد ، وهو الحضور المطلق ، وترك الأعمال البدنية عند ورود واردات الوجدية ، ونصيب الجوارح الظاهرة لاستعمالها في الأعمال البدنية ، ولو أهمل هذا الشرط عذب لعقره ناقة شوقه بالمنع لها عن شرب الوارد الوجدي ، { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [ القمر : 29 ] ؛ يعني : نادت القوى المكذبة القالبية قوتهم الجاهلية الطالبة للرئاسة ، المحبة للدنيا ، العابدة للهوى ، فتناولت الناقة الشوقية بسيف استعدادها الحاصلة من القوى العلوية ، فعسرت ناقة الشوق ، { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } [ القمر : 30 ] بالقوى القالبية المانعة لناقة الشوق عن استيفاء الحظ عن مشرب السماع ، { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً } [ القمر : 31 ] من صيحات قولهم الجبرائيلية المسلطة عليهم ، { فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } [ القمر : 31 ] ؛ يعني : صارت القوى التي جمعتها قوة النفسية لاحتضار غنم الأخلاق الحميدة القالبية المكتسبة الغير المزكاة بنور اللطيفة ، مثل الشجرة البالية التي ذرتها الريح العاصفة . { وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } [ القمر : 32 ] ؛ يعني : سهلنا قراءة القرآن الذي فيه آيات وموعظة وأخبار ، وعن حال من ظلم على القوة النفسية المزكاة القهرية إلى اللطيفة النفسية بعقر الناقة الشوقية التي فيها الاستعداد الموصل له إلى كعبة قلبه ، { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [ القمر : 32 ] ؛ أي : هل من قارئ يذكر هذه الآيات ويتعظ بها ؟ ويتفكر في نفسه ليعرف ناقته ومشربها ونصيبها ، ويعرف القوى الظالمة المانعة لناقته عن الشرب العاقرة لها بسيف الاستعداد العلوي ، ويخاف من الصيحة الجبرائيلية التي هي مسلطة عليه من بدء فطرته إلى حين رحلته من محلة هذا البدن المجعول ؛ لينزل ناقته ويتعهدها عند الشرب ، ويركبها وينتفع بها في السلوك في بيداء النفس ؛ ليصل إلى كعبة القلب ويشرف بمعاهدة رب البيت . { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ } [ القمر : 33 ] ؛ يعني : كذبت القوى المتلونة بالهوى اللطيفة المطهرة المرسلة ، وإنذارها بالنذر السالفة { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً } [ القمر : 34 ] حاصلاً من كدورات أفعالهم الخبيثة الأرضية ، والبخارات الهوائية الصاعدة إلى الهوى ، المنجدة تحت سماء الصدر ، الممطرة عليهم من الفوق ، المدبرة لهم تدبيراً ، { إِلاَّ آلَ لُوطٍ } [ القمر : 34 ] ؛ يعني : إلا القوى المؤمنة المطهرة المصدقة باللطيفة المطهرة المرسلة الآمنة عن الحاصب ، { نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا } [ القمر : 34 - 35 ] ؛ يعني : أنجيناهم بتسحرهم في التطهر وقت المناجاة ، وكان بسحرهم { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا } [ القمر : 35 ] ، وشكرهم على نعمتنا أنجيناهم ، { كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } [ القمر : 35 ] نعمتنا . { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا } [ القمر : 36 ] البطشة ثلاثة بطشات ، مثل : الطامة ، والنار كبرى ووسطى وصغرى ، فالبطشة الكبرى ، والطامة الكبرى ، والنار الكبرى ، إذا أخذت المرء فلا يمكن الخلاص منها ، وأما الوسطى فيمكن بالشفاعة وبعض الأعمال الصالحة وإن كانت مغلوبة ، وأما الصغرى فإذا ظهرت للسالك يزيد إيقانه ويظهر له نشاطاً في سلوك الطريقة ، وتحرضه على التوجه الكلي إلى الله يشرف بالتجليات بعد هذه الحالات ، ولله بطشة خفية في كل لمحة ، وطامة جلية في كل بطشة ، ونار مضيئة مشرقة في كل طامة ، وساعة وقائمة في كل نار ، وواقعة خافضة في كل ساعة لا يشاهدها إلا الأقطاب الأربعة ؛ وهم : العالم العلوي والسفلي ، { فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } [ القمر : 36 ] ؛ يعني : أنذرت اللطيفة المتطهرة للقوى الملونة عذابنا وبطشنا لهم بأفعالهم الخبيثة ، فشكوا بالنذر ؛ أي : بالإنذار ، وكذبوها ولم يصدقوا إرسال الحاصب عليهم . { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } [ القمر : 37 ] ؛ يعني : طالب القوى المتلونة القربان بضيف الوارد القهري النازل على اللطيفة المتطهرة ؛ ليعذب القوى المتلونة في صور اللطف ، { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ } [ القمر : 37 ] ؛ يعني : صيرنا أعينهم مطموسة من كدورات أفعالهم الخبيثة ، وأرسلنا عليهم صاحب أفعالهم ، وقلنا : { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } [ القمر : 37 ] ؛ أي : هذا العذاب الذي كنتم به تكذبون ، وحظ السالك من هذه الآية أن لا يأذن للقوى المشككة المكذبة بالدخول على ضيف الوارد القدسي بحال البتة .