Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 26-34)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [ الرحمن : 26 - 27 ] ؛ يعني : من يكون على أرض البشرية فانٍ ، والفناء إشارة إلى فناء المركبات ، كما أن الهلاك إشارة إلى هلاك المفردات ، ولأجل هذا إشارة في الفناء إلى تجلي الصفات ، وفي الهلاك إلى تجلي الذات ، وأطلق الهلاك على كل شيء حيث قال : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [ القصص : 88 ] ، وأضاف الوجه إلى هويته ، وأطلق الفناء على من على وجه الأرض البشرية من المركبات بقوله تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } [ الرحمن : 26 ] ، وأضاف الوجه إلى الصفة حيث قال : { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [ الرحمن : 27 ] ؛ يعني : صاحب تجلي الجمال والجلال ؛ يعني : بتجلي الجلال الصور الكثيفة ، ويبقى بتجلي الجمال المعاني المكتسبة اللطيفة من الصورة الكثيفة ، والفرق بين الهلاك والفناء بين فناء نور القمر عند حجاب الأرض له عند أخذ النور من الشمس وهلاك أنوار الكواكب عند طلوع الشمس ، وأبين لك فرق أظهر من هذا في صورة النبات ، إذا وضعته في قدح فيه ماء يفني تركيب الصورة النباتية القائمة ثلاثة قوائم ، ويهلك معنى حلاوة في الماء ؛ لغلبة الماء عليه ، وفي الهلاك والفناء أسرار سوى هذا يتعلق بعضها تجد القرآن وبعضها بمطلع القرآن ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 28 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة إفناء الصور الكثيفة ، أم بنعمة إبقاء المعاني اللطيفة المكتسبة من الصور الكثيفة في دار الكسب تكذبان ؟ { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الرحمن : 29 ] ؛ يعني : القوة العلوية والسفلية تسأله حظوظهم وحقوقهم ، { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [ الرحمن : 29 ] ؛ يعني : يحيي ويميت ، ويعطي ويمنع ، ويعز ويذل ، ويخفض ويرفع لحكمته وقدرته على وفق إرادته ، يمحو ما يشاء عن الألواح ، ويثبت ما يشاء على الألواح في يوم الحال الحاجز بين الأزل والأبد ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 30 ] ، أبنعمة محو السيئات ، أم بنعمة إثبات الجنان أيتها القوتان تكذبان ؟ { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ } [ الرحمن : 31 ] ؛ يعني : سوف نفرغ من استعمالكم في دار الكسب أيها القربان الثقيلان العظيمان برفعان قدر ، كما لأنكما ثقلان الأرض البشرية والسماء الروحانية ، ويشتغل بالإعطاء جزاء أعمالكم في دار الجزاء ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 32 ] ، أبنعمة الاستعمال في دار الكسب في الأعمال الصالحة ، أم بنعمة إعطاء الجزاء في دار الجزاء أيتها القوتان تكذبان ؟ { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } [ الرحمن : 33 ] ؛ يعني : أيتها القوى العلوية والسفلية ، إن كنتم تستطيعون أن تتفرقوا أو ترجعوا إلى سماء الروحانية وأرض الجسمانية فتفرقوا ، وما كنتم على التفرق والرجوع إلى كلياتكم إلا بسلطاننا وحكمنا وبياننا ، وبعبارة أخرى إن كنتم تستطيعون على تحصيل المعارف العلوية والسفلية بغير سلطان الوارد فاسعوا في الطلب ، ولا يمكن تحصيل المعارف بسعيكم إلا عند نزول سلطان الوارد ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 34 ] ؛ يعني : أيتها القوتان العلوية والسفلية ، أبنعمة اجتماعكما لكسب الحسنات الباقيات في دار الكسب ، أم بنعمة تفريقكما وإدخالكما في دار الجزاء لاستراحتكما عن الشغل ، وتنعمكما بالأعمال الصالحة المكتسبة تكذبان ؟