Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 17-20)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } [ الحديد : 17 ] ؛ لئلا يقنطوا من رحمته وبترك الاشتغال بمداومة القلب الميت ؛ لأن الله يحيي الأرض البشرية بعد موتها بداء الغفلة عن الذكر بمطر ذكر الحق ، { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [ الحديد : 17 ] ؛ كما أريكم في أنفسكم آيات الأحياء { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [ الحديد : 17 ] أنه هو المحيي ، فترجعوا إلى حضرته وتشتغلوا بذكره حتى يحيي بمطر الذكر أرضكم الميتة ، ويخرج منها نباتات المعارف لتتمتعوا بها . { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ } [ الحديد : 18 ] ؛ يعني : القوى الفاعلة والقابلة المؤمنة المصدقة اللطيفة الخفية ، { وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ الحديد : 18 ] من استعداداتهم وتصديقهم على القوى القالبية والنفسية بأوقاتهم الشريفة ؛ ليتمتعوا من الذِّكر اللساني ، { يُضَاعَفُ لَهُمْ } [ الحديد : 18 ] ؛ يعني : يضاعف الله لهم المعرفة بإنفاقهم وقتهم على القوى القالبية والنفسية المؤمنة المبتدئة في السلوك ، وحظ المسلك أن يؤثر أوقاته على مريديه ، والقوى القالبية والسرية ، والروحية والخفية ، أن يختاروا ذكر اللسان على أذكارهم للقوى المبتدئة في السلوك من القوى القالبية والنفسية ، وأن يدفعوا بهم ويداووهم ولا يأمرهم بالمجاهدة فوق طاقتهم ، { وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } [ الحديد : 18 ] من النظر إلى جمال الرب الرءوف الرحيم . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ } [ الحديد : 19 ] ؛ يعني : من آمن بالله وبلطيفته الخفية أولئك من الصديقين الذين مرتبتهم قريبة من النبيين والشهداء ؛ يعني : المقربين إلى الحضرة شهداء الله على جميع الأمم ، { لَهُمْ أَجْرُهُمْ } [ الحديد : 19 ] ؛ يعني : أجر أعمالهم ، { وَنُورُهُمْ } [ الحديد : 19 ] ؛ يعني : نور ذكرهم ، به يعبرون الصراط ، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } [ الحديد : 19 ] ، يعني من القوى القالبية والنفسية الكافرة بالله المكذبة باللطيفة الخفية والآيات الأنفسية { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } [ الحديد : 19 ] ؛ لأنهم عمروا في دار الكسب جحيم أنفسهم بإشعال نيران الحقد والحسد والكبر والشهوة { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ } [ الحديد : 20 ] لمن اشتغل بمتاع الحياة الدنيا الدنية الفانية التي هي لعب ولهو لا حقيقة لها ، وزينة عاجلة وتفاخر بينكم بالجهل ، وتكاثر في الاستعدادات أو النتائج الفكرية ؛ { كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ } [ الحديد : 20 ] ؛ ليربي النبات فترى النبات { مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً } [ الحديد : 20 ] يعني : منكسراً وحصول الحطمة من هذا الحكم ؛ فلأجل هذا يكون للقوى الكافرة المنافقة { وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ } [ الحديد : 20 ] من جميع الحطام الذي هو حطمته في دار البقاء { وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ } [ الحديد : 20 ] للقوى المؤمنة في دار البقاء لإعراضها عن الحياة الدنيوية التي هي اللعب واللهو بترك الاشتغال بالشهوات العاجلة على وفق الهوى ، ويعلمها أن الدنيا مرحلة لا دار إقامة { وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ } [ الحديد : 20 ] يعني : حياة الدنيا مدرجة في إناء الماضي والمستقبل مثل : متاع الذي يبقى على حواشي الإناء بعد أكل صاحبه وإضافته إلى الغرور . إشارة إلى سرعة نفادها لا يتوقف نفس إلا وقد يخرج ، فالنفس الذي يخرج ولا يرجع ؛ فهو ميت ، والنفس الداخل لو لم يخرج ؛ فهو ميت فليس له حظ في الحياة إلا القليل الذي يصحب النفس الداخل والخارج { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ } [ العنكبوت : 64 ] لأنه حال مجرد عارض لباس الماضي والمستقبل .