Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 135-137)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ يَٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } [ الأنعام : 135 ] ، أي : على ما جبلتم عليه ، { إِنَّي عَامِلٌ } [ الأنعام : 135 ] ؛ أي : على ما جبلت عليه نظيره قوله تعالى : { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ } [ الإسراء : 84 ] ، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [ الأنعام : 135 ] ، إذ ظهر لكم ما هو المودع في الاستعداد الفطري لكل واحد منا ، من السعادة والشقاوة تعلمون ، { مَن تَكُونُ لَهُ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } [ الأنعام : 135 ] ؛ أي : دار النجاة والفلاح ، { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } [ الأنعام : 135 ] ، الذين يفسدون الاستعداد الفطري بصرفه في غير محله . ثم أخبر عن إضلال الجهَّال بقوله تعالى : { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً } [ الأنعام : 136 ] ، إلى قوله : { إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ } [ الأنعام : 139 ] ، الإشارة فيها : إن الله تعالى يشكو عن كافري نعمة الدين ، خلقهم وأنعم عليهم بإيجاد الأنعام والحرث وقال : { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً } ؛ أي : من جملة ما خلق لهم من الحرث والأنعام نصيباً ، { فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ } [ الأنعام : 136 ] ، وإن لم يجعلوه خالصاً لله مع أنه تعالى أعطاهم جملته ، ثم اتخذوا لله شريكاً ، وجعلوا مما أنعم الله به عليهم وأعطاهم نصيباً لشركائهم ، { وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا } [ الأنعام : 136 ] ، ثم من جهلهم رجحوا جانب الشركاء على الله ، { فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ } [ الأنعام : 136 ] ، بوجه من الوجوه ، { وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ } [ الأنعام : 136 ] من وجوه ، { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ الأنعام : 136 ] فيما أنعم الله به عليهم بأن يجعلوه لشركائهم ، { وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ } [ الأنعام : 137 ] ، من الشيطان والنفس والهوى والدنيا ، { لِيُرْدُوهُمْ } [ الأنعام : 137 ] ، ويهلكوهم ، { وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } [ الأنعام : 137 ] ، الذي ارتضى لهم الله ؛ ليعلموا : إن الذين اتخذوهم شركاء لله وجعلوا لها آلهة فإنهم عدوّ لي ، كما قال خليل الله عليه السلام عند التبرؤ عن الشرك : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 77 ] . وليعلموا : حقيقة ، { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ المائدة : 55 ] ، { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ } [ الأنعام : 137 ] ؛ لهداهم إلى اقتباس النور عند رشاشه على الأرواح بالأصالة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى " { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } [ الأنعام : 137 ] ، فإن لنا في ذلك حكمة بالغة .