Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 3-5)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 3 ] ، من اللطائف الخفية ، والمعارف الإلهية ، والتجليات الجمالية ، من حيث لا يحتسب ، وهذا مما جربناه كثيراً ، إن لطف يصل إلى السالك وقت [ يأنسه عند ] نزول الوارد اللطفي ، { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [ الطلاق : 3 ] ، يعني : من يتوكل حال القبض ونزول البلاء ، ويعلم أن القابض هو الله ، والمبلي هو ، ويكل أمره إليه ، حسبه هو من تدبيراته التي تشوشه ولا يكون إلا ما أراد الله وقوعه . { إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ } [ الطلاق : 3 ] ، يعني : فنفذ قضاؤه لا محالة . قال سيدنا علي رضي الله عنه : إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور ، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور . { قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } [ الطلاق : 3 ] ، يعني : حالة القبض مقدرة ، وحالة البسط مقدرة ؛ فينبغي أن لا تضجر عند القبض ولا تقنط من رحمة الله ، ولا تأمن حالة البسط من مكر الله وتكون بين خوف ورجاء ما دمت في سجن القلب محبوساً ؛ لأن الخوف المفرط المثمر لليأس يهلك صاحبه بالكفر ، والرجاء المفرط للأمن أيضاً يهلك صاحبه بالخسران ؛ فالواجب للسالك أن يعلم أن الله بصير بحاله رحيم رءوف عليه ، ويقول : @ وكَّلت إلى المحبوب أمري كله فإن شاء أحياني ، وإن شاء أتلفا @@ أنا العبد وما للعبد غيره ، { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } [ الطلاق : 4 ] ، يعني : شككتم فلم تدروا ما عدتهن { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } [ الطلاق : 4 ] ، وحظ السالك من هذه الآية يعني : إذا كانت القوة القابلة في غفران إرادتها يجب مراعاتها أكثر من مراعاتها القوة القابلة التي بردت حرارتها وتوجهت قوة استعدادها إلى الانحطاط ، وإن إرادة القوة الفاعلة تطليقها وتطليقها على وجه السنة وانقضاؤها بعد ثلاثة أشهر مطمئنة وملهمية ولوامية ؛ فإذا رجعت القوة القابلة راكضة على عقبها إلى أماريتها تمت عدتها ، { وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } [ الطلاق : 4 ] ، وهي القابلة الناقص استعدادها حكمها حكم الآيسات ، { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [ الطلاق : 4 ] ، يعني : القوة الحاملة خاطر الهوى عدتها وضع حملها ، { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } [ الطلاق : 4 ] ، بعد الوضع ولا يلتفت إلى خاطر الهوى { يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } [ الطلاق : 4 ] ، يعني : يسر الله أمره بالتوبة وسهل عليه سلوك الطريق . { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ } [ الطلاق : 5 ] ، يعني : ما ذكر من الأحكام والحدود { أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ } ، بالوارد الجلي { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } [ الطلاق : 5 ] ، ولا يشك في أحكام الوارد ويتوب إليه { يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ } [ الطلاق : 5 ] ، التي سلفت من النفور عن أمر الولي والالتفات إلى خاطر الهوى { وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } [ الطلاق : 5 ] ، بأن الله يبدل - بلطفه - سيئاتهم حسنات ، وهذا مما شاهدنا في أثناء السلوك دائما يذنب السالك ويخاف من ذلك الذنب يسد عليه باب المكاشفات والمشاهدات ؛ [ فربما ] يفتح عليه أبواب المكاشفات والمشاهدات أكثر مما كان قبل حدوث ذلك الذنب ، ويتفق هذا لصادق إذا اعترى عليه عجب من كثرة مجاهدته وصفاء أعماله ؛ فأجرى عليه ذلك الذنب ليذهب بعجبه ، ويظهر فيه الإفلاس ، والمسكنة ، والعجز ، والاضطرار ، وتعيير نفسه والنظر إليها بعين الحقارة ، وكل هذا بقبول الحضرة الإلهية ؛ فإذا خاف على ذنبه وأيس من نفسه وعمله يبدل الله سيئاته حسنات ، ويفتح عليه أبواب المكاشفات والمشاهدات والواقعات مما يتعجب السالك من تلك الفتوحات .