Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 69, Ayat: 11-19)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } [ الحاقة : 11 ] ؛ يعني : في زمن نوح إذا طغى ماء وجودهم فطغى الماء وسلط عليهم حملناكم في سفينة السكينة عند تلاطم البحر الطاغي الوجود ، { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً } [ الحاقة : 12 ] ؛ أي : عظة وعبرة ؛ لئلا يشتغلوا بعد الأخلاق الحاصلة من الماء الطاغي ، { وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [ الحاقة : 12 ] ؛ يعني : لتحفظها وتبلغها إلى من بعدها ؛ لئلا يطغوا ربهم ، ولا يعصوا للطيفة المرسلة إليهم ؛ لئلا يعذبوا بالماء الطاغي فما فعلتم بل نسيتموها ، { فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } [ الأعراف : 136 ] بطغيانهم اللطيفة المرسلة إليهم المذكرة لهم . { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ } [ الحاقة : 13 - 14 ] ؛ يعني : إذا نفخ نفخ الذِّكر اللساني القالبي رفعت الأرض البشرية والجبال المعدنية من أماكنها ، { فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } [ الحاقة : 14 ] ؛ أي : كسرتا حتى صارتا { هَبَآءً مُّنبَثّاً } [ الواقعة : 6 ] ، { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } [ الحاقة : 15 ] ، والواقعة قيامة الروح ، كما أن الحاقة قيامة السر ، والساعة قيامة القلب ، { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } [ الحاقة : 16 ] ؛ أي : ضعيفة مع صلابتها من شدة نفخ الذكر . { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } [ الحاقة : 17 ] ؛ يعني : القوى على أقطار السماء متحيزين مترصدين مراقبين إشارة الرب تعالى ، { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [ الحاقة : 17 ] ؛ يعني : يحمل حقيقة العرش الروحاني حقائق الصفات الثمانية فوق القوى القلبية ، والذي جاء في الحديث أنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة أخر ؛ هي أربعة حروف سوادية التي الآن حافظة صورة عرش كلمة الله ، فإذا جاءت القيامة أيدهم الله بأربعة حروف بياضية ليحفظ حقيقة عرش كلمة الله في تلك الساعة ؛ ولهذا السر تتقي النفوس المتألمة والمتنعمة في العقبى خالدات ، وحقيقتها تتعلق بحد القرآن ، فاختصرت على هذا الذي بينت لك مما لم يبينه قبلي أحد قط ، واغتنم بهذا البيان ، واشتغل بالسلوك في الطريقة المستقيمة المسلوكة بالأقدام الثابتة على الصراط المستقيم ، وهو متابعة نبيه الكريم صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان الثابتين على الدين القويم ، وهم الذين جمعوا بين ظاهر القرآن وباطنه ، وآمنوا بمحكمه ومتشابهة ، ومما أوَّلوه من عند أنفسهم برأيهم العليل وعلمهم القليل { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } [ الحاقة : 18 ] الأعمال والخواطر على الله الخبير اللطيف ، { لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } [ الحاقة : 18 ] ؛ أي : لا يمكن إخفاء خاطر خفي لا شهادة القوى الباطنة والجوارح الظاهرة على أعمال صاحبها وأفكاره . { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } [ الحاقة : 19 ] ؛ وهم أصحاب اليمين أهل اليمن والبركة ممن صدقوا اللطائف المرسلة إليهم ، وآمنوا بالله واليوم الآخر يقول لهم تعالى : خذوا كتابكم واقرءوا ما في صحيفتكم يقولون فرحين :