Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 106-116)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ } [ الأعراف : 106 ] تدل على صدق دعواك ، { فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ الأعراف : 106 ] لعلنا نهتدي بها ، { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } [ الأعراف : 107 ] وإنما جعل الله تعالى عصاه ثعباناً ؛ لأنه أضاف العصا إلى نفسه حين قال له : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [ طه : 17 ] قال : { هِيَ عَصَايَ } [ طه : 18 ] ، ثم جعلها متوكأ ، فقال : { أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } [ طه : 18 ] ، ثم جعلها محل حاجاته ، فقال : { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } [ طه : 18 ] ، فيه إشارة بأن كل شيء أضفته إلى نفسك ورأيته محل حاجاتك فإنه ثعبان يبتلعك ، ولهذا قال القهار : { يٰمُوسَىٰ } ؛ يعني : لا تمسك بها ولا تتوكأ عليها ، وإلا كان قادراً على أن يجعلها في يده ثعباناً فلما ألقاها من يده { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } [ الأعراف : 108 ] فيه إشارة إلى أن الأيدي قبل تعلقها بالأشياء وتمسكها بها كانت بيضاء نقية نورانية ، فلما تمسكت بالأشياء صارت ظلمانية ، فكما ترغب عنها تصير بيضاء كما كانت ، فافهم جدّاً . وإنما قال : { بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } ؛ لأنه تعالى أظهر النور الروحاني على اليد الجسماني ؛ ليكون منظوراً للناظرين ، فإن اليد الروحاني لموسى عليه السلام كانت نورانية في جميع الأوقات ولكن ما كانت منظورة للناظرين ، فلما أظهر نورانيتها في بعض الأوقات خرقاً للعادات على يده الجسمانية صارت منظورة للناظرين ، { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } [ الاعراف : 109 ] . فلما لم يكن لهم بصيرة ترى بها الآيات نظروا ببصر البشرية فرأوا الآيات سحراً والنبي ساحراً { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } [ الأعراف : 110 ] ، ولا شك في أن موسى عليه السلام أراد أن يخرجهم من أرضهم ، ولكن من أرض بشريتهم الظلمانية إلى نور الروحانية ، { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ } [ الأعراف : 111 ] ، توهموا أنهم بالتأخير وحسن التدبير وبذل الجد والتشمير يغيرون شيئاً من التقدير ، ولم يعلموا أن الحق غالب والحكم سابق ، وعند حلول الحكم فلا سلطان للعلم والفهم ، { وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } [ الأعراف : 113 ] ظنوا أنهم يغلبون بما يسحرون ، وأن لهم أجراً وإن كانوا هم الغالبين ، ولم يعلموا أن تأثير القدرة فيهم أبلغ من تأثير سحرهم ، وإن أجرهم فيما لو كانوا مغلوبين . { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } [ الأعراف : 114 ] أجرى تعالى هذا على لسان فرعون حقاً ، وصدق بأنهم صاروا من المقربين عند الله لا عند فرعون ، { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ } [ الأعراف : 115 ] فلمَّا أكرموا موسى بالتقدم وعظموه بالاستئذان أكرمهم الله بالسجود والإيمان ، قال ألقوا : { وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ } [ الأعراف : 115 ] . { قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّآ أَلْقَوْاْ سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } [ الأعراف : 116 ] ؛ أي : عظيم في الإثم ، كما قال : { سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } [ النور : 16 ] وعظم إثم السحر لمعارضته بالمعجزة .