Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 117-126)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } [ الأعراف : 117 ] فيه إشارة إلى أن عصى الذكر كلمة قوله : " لا إله إلا الله " إذا ألقيت عند إلقاء سحر سحرة صفات النفس تبتلع إلا بنعم " لا " النفي جميع ما سحروا به أعين الناس ، { فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ } [ الأعراف : 118 ] بإثبات إلا الله . { وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 118 ] من تزيين زخارف الدنيا في العيون ، { فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ } [ الأعراف : 119 ] سحرة صفات النفس بنور الذكر ، { وَٱنقَلَبُواْ صَاغِرِينَ } [ الأعراف : 119 ] ذليلين تحت أوامر الشرع ونواهيه . { وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } [ الأعراف : 120 ] ؛ أي صارت صفات النفس بعد التمرد ومنقادة للعبودية ، { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الأعراف : 121 ] ، { رَبِّ مُوسَىٰ } [ الأعراف : 122 ] الروح ، { وَهَارُونَ } [ الأعراف : 122 ] القلب . واعلم أن صفات النفس إذا تنورت بنور الذكر يبدل كفرها بالإيمان ، ولكن النفس بذاتها لا تؤمن ولا تتبدل ، اللهم إلا عند غرقها في بحر الواردات والمواهب الربانية ؛ كفعل فرعون وإيمانه عند الغرق إذ قال : { آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ } [ يونس : 90 ] . ثم أخبر عن كفر فرعون النفس بعد إيمان سحرة صفاتها بقوله تعالى : { قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ } [ الأعراف : 123 ] إلى قوله : { فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 129 ] الإشارة فيها أن من صنائع حكمة الله وبدائع قدرته أن يظهر العدو في صورة الولي ، كما كان بمقام وبرز الولي في كسوة العدو ، كما كان حال السحرة أصبحوا في ذي الأعداد كفاراً سحرة ، وأمسوا في زينة الأولياء شهداء بررة ، وفيما قال فرعون لهم لمَّا آمنوا بموسى عليه السلام : { آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ } [ الأعراف : 123 ] . { إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 123 ] الإشارة إلى أن : فرعون قد ظن أن الإيمان يكون موقوفاً على إذنه ، ولم يعلم من كمال جهله أن الإيمان موقوف بإذن الله ونظر رحمته ، فخاطبهم على أنهم الذين كانوا فيما علم أنهم كانوا ثم يأتوا ، وأن تلك الأسرار جرت عن رق الأشكال ، وأن قلوبهم طهرت عن دنس الشبهة والأشكال ، وأن شموس العرفان قد طلعت من أفق العناية واستوت في سماء الهداية ، فأشهدوا الحق بنظر البقاء ، وشهدوا الخلق بنظر الفناء لم يكن لتخويفات النفس فيهم سلطان ولا لشيء من العلل فيهم برهان لتقول لهم ، { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } [ الأعراف : 124 ] لمَّا تحقق لهم أن مصيرهم إلى الله سهل عليهم ما لقوا في مسيرتهم إلى الله ، { قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } [ الأعراف : 125 ] ولمَّا علموا الله وأوذوا في الله قالوا : { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا } [ الأعراف : 126 ] فصدقوا القصد إلى الله ، وطلبوا الصبر على البلاء من الله تعالى بقولهم : { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } [ الأعراف : 126 ] على المقامات في الدين . { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } [ الأعراف : 126 ] وقلوبنا تطمئن بالإيمان واليقين ، وفي القضية إلى أن فرعون النفس أيضاً منكر على إيمان شجرة صفاتها ويقول : { آمَنتُمْ بِهِ } أي : بموسى الروح { قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ } يعني : بالإيمان إن هذا المكر مكرتموه يا سحرة الصفات في موافقة الروح في مدينة القالب والبدن ؛ لتخرجوا منها أهلها وهم : اللذات والشهوات البدنية الجسمانية ، فإن صفات النفس إذا آمنت ووافقت الروح وصفاته خرجت من البدن لذات الدنيا وشهواتها ؛ فسوف تعلمون حيلي ومكائدي في إبطالكم واستيفاء اللذات والشهوات { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } بسكين التسويل عن الأعمال الصالحة ، { ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } [ الأعراف : 124 ] في جذوع تعلقات الدنيا وزخارفها . { قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } لا إلى الدنيا وما فيها ، { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا } ؛ يعني : انتقامك منا إنما يكون بسبب إيماننا بآيات ربنا لما جاءتنا ، بعد أن جاءنا من ألطاف الحق ما جاءنا ، فلا ينفعك الانتقام منا مع الألطاف ولا يضرنا ، فإننا نتقلب إلى ربنا ونقول : { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } على قطع تعلقات الدنيا ، فنترك لذاتها وشهواتها ، { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } لعبوديتك وأحكامك الأزلية .