Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 14-19)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَاسِطُونَ } [ الجن : 14 ] ؛ أي : منا من سلم نفسه إلى ملكه - وهو اللطيفة - تسليماً حقيقياً ، ومنا الجائر الذي ظلم على نفسه بترك التسليم لمسلكه واختياره مشتهىً وفق هواه ؛ { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً } [ الجن : 14 ] ؛ يعني : من صار مستسلماً لشيخه وترك اختيار نفسه قصد طريق الحق والرشاد وتوخاه ، { وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ } [ الجن : 15 ] الذين اتبعوا أهواءهم وخالفوا مولاهم وظلموا أنفسهم بمتابعة هواهم والتلذذ بالشهوات العاجلة ؛ { فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } [ الجن : 15 ] أنهم جمعوا حطباً في دار الكسب ، وأوقدوا نيران الكبر والحسد حتى صار وجودهم القالبي حطباً ، وقواهم النفسية نيراناً فيعذب في دار البوار بتلك الحطب والنار أبداً . { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } [ الجن : 16 ] ؛ يعني : إن كانت القوى استقامت على طريق العدل والاستقامة في الطريق واجبة لمن أراد وجه الله تعالى { لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً } [ الجن : 16 ] المعرفة كثيراً ؛ يعني : أسقيناهم من ينبوع العلم الكثير الماء ، المعرفة كثيراً ؛ يعني : أسقيناهم من يبنوع العلم الكثير ، لا من ينبوع العلم القليل ، والعلم الكثير هو : اللدني الفائض من رب العلم الجليل ، والعلم القليل : هو الذي يحصل من الفكر بالرأي العليل ؛ { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } [ الجن : 17 ] وهذا مقام الابتلاء ؛ يعني : نمتحنهم بالعلم اللدني إن أفشوا سره عند الأغيار ؛ { يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } [ الجن : 17 ] ، وإن ستروه وأدوا حق الأمانة ؛ يقربه إلى مقام القربة الزلفى ، ويزيده من المعارف الذاتية ما لم يطلع عليه أحد . { وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } [ الجن : 17 ] ؛ يعني : من يعرض بعد الاطلاع على المعرفة الذاتية عن ذكر ربه عند المسترشدين فوق طاقتهم { يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } شاقاً على نفسه ، { وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } [ الجن : 18 ] ؛ يعني : مساجد القلوب بنيت في عالم الأنفس لله ، فلا تدعو في تلك المساجد مع ذكر الله أحداً ؛ يعني : لا تأذن للخواطر الصادة لك عن ذكر الله في دخولها في قلبك ، وأكثر تقرر القلب يكون ؛ لأجل أن الذاكر يأذن للخاطر الدخول في أثناء الذكر فاحذر أيها السالك عن الخواطر في الذكر القلبي . { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } [ الجن : 19 ] ؛ يعني : إذا أرادت اللطيفة الخفية أن تقوم في مسجد القلب وتشتغل بذكر الله يجمعون عليه الخواطر المتشعّبة جمعاً ؛ ليشوشوها ويبطلون توجهها .