Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 6-13)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ عَيْناً } [ الإنسان : 6 ] ، والأصح أن يكون نصباً على المدح يعني : أعني عيناً { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } [ الإنسان : 6 ] ؛ وهي عين المعرفة يشرب بها عباد الله بعد كأس الاستعدادات التي { كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } [ الإنسان : 5 ] يطفئ نيران الشهوة والغضب والبغض والكبر ، وأخواتها الحاصلة من امتزاج القوى غير المزكاة بعضها ببعض ، والشراب المصبوب في { كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } [ الإنسان : 5 ] من حبِّ الجلال المعنوي ، وعن المعرفة الحاصلة عند التجليات الجلالية المعنوية { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } [ الإنسان : 6 ] كلما أخذوا من العين يريد انفجار العين ، ويمشي معهم حيث مشوا في عالم الآثار والأفعال والذات . { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ } [ الإنسان : 7 ] ، هؤلاء العباد الشاكرون أوفوا بنذرهم في دار الكسب ، ونذرهم ألا يشتغلوا بذكر غيرنا ولا يلوثوا ألسنتهم بذكر غيرنا وهم ، { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [ النور : 37 ] ، مشغولون بذكر الحق مؤتمرون بأمره حيث قال { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [ البقرة : 152 ] ، فذكروه حتى صاروا مذكورين له بعد أن كانوا ذاكرين { وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } [ الإنسان : 7 ] ؛ يعني : تبلى السرائر ، ويطير عمل كل امرئ بصاحبه إلى مستقره الذي عمده صاحب العمل بعمله في دار الكسب ، { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } [ الإنسان : 8 ] ؛ يعني : على محبة الحق لا من خوف العقوبة ، ولا رجاء الثواب والجزاء ، { مِسْكِيناً } [ الإنسان : 8 ] ؛ يعني : خاطر السكينة ، { وَيَتِيماً } [ الإنسان : 8 ] خاطر القلب ، { وَأَسِيراً } [ الإنسان : 8 ] ؛ يعني : خاطر الروح يطعمون هذه الخواطر الذكر على محبته المذكورة خاصة غير متوقعين جزاء ولا شكوراً . { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } [ الإنسان : 9 ] ، { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } [ الإنسان : 10 ] ، إنا نخاف من اللطيفة الربوبية السكينة في قالبنا يوماً أظلم فيه شمس الروح ، وقمر القلب وكوكب الحواس ، ونجوم القوى فصار يوماً عبوساً على صاحبه ، وهذا يشاهد وقت تقرر ذكر الرب عن القلب الغافل عن الرب ، وفي ذكر القمطرير شدة الكرب ، وهو عند تقرر القلب السليم عن الذكر الذي يجري على لسان ملوث بالغيبة ، والكذب والفحش ، ومما لا يعنيه { فَوَقَٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ } [ الإنسان : 11 ] ؛ لمخافتهم من ذلك اليوم والتجائهم إلى الحق بصدق النية ، { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } [ الإنسان : 11 ] ؛ يعني : نضارة وجوه أحوالهم ، ومسرة في قلوبهم وأسرارهم ، { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ } [ الإنسان : 12 ] مكابدة نفسهم وجهادهم الأعداء يعني : القوى القالبية والنفسية حتى إطعامهم المسكين ، واليتيم والأسير ، { جَنَّةً وَحَرِيراً } [ الإنسان : 12 ] جزاء النفس الجنة وجزاء القالب الحرير يعني : القوى القالبية والنفسية الصابر على ترك مشتهاها لوجه الله ، { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا } [ الإنسان : 13 ] نصب على الحال { عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } [ الإنسان : 13 ] ؛ أي : على أرائك الرحمة ، { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } [ الإنسان : 13 ] ؛ يعني : حراً وبرداً ؛ لأنهم كانوا معتدلين في الأمزجة في دار الكسب ثابتين على الصراط المستقيم غير ذائقين إلى طرفي الإفراط والتفريط .