Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 22-23)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : { وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ } الذي هو سبب لكل شر يقع ووقع في العالم ، مخاطباً لأهل النار ومتبرئاً منهم { لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ } ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار . { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ } على ألسنة رسله ، فلم تطيعوه ، فلو أطعتموه لأدركتم الفوز العظيم ، { وَوَعَدتُّكُمْ } الخير { فَأَخْلَفْتُكُمْ } أي : لم يحصل ولن يحصل لكم ما منيتكم به من الأماني الباطلة . { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } أي : من حجة على تأييد قولي ، { إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي } أي : هذا نهاية ما عندي ، أني دعوتكم إلى مرادي وزينته لكم ، فاستجبتم لي اتباعاً لأهوائكم وشهواتكم ، فإذا كانت الحال بهذه الصورة { فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } فأنتم السبب ، وعليكم المدار في موجب العقاب ، { مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ } أي : بمغيثكم من الشدة التي أنتم بها { وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } كل له قسط من العذاب . { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } أي : تبرأت من جعلكم لي شريكاً مع الله ، فلست شريكاً لله ، ولا تجب طاعتي ، { إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ } لأنفسهم بطاعة الشيطان { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } خالدين فيه أبداً . وهذا من لطف الله بعباده ، أن حذرهم من طاعة الشيطان ، وأخبر بمداخله التي يدخل منها على الإنسان ومقاصده فيه ، وأنه يقصد أن يدخله النيران ، وهنا بيّن لنا أنه إذا دخل النار وحزبه ، أنه يتبرأ منهم هذه البراءة ، ويكفر بشركهم { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } [ فاطر : 14 ] . واعلم أن الله ذكر في هذه الآية أنه ليس له سلطان ، وقال في آية أخرى { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } [ النحل : 100 ] فالسلطان الذي نفاه عنه هو سلطان الحجة والدليل ، فليس له حجة أصلاً على ما يدعو إليه ، وإنما نهاية ذلك أن يقيم لهم من الشبه والتزيينات ما به يتجرؤون على المعاصي . وأما السلطان الذي أثبته ، فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه يَؤُّزّهُمْ إلى المعاصي أزّاً ، وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته والالتحاق بحزبه ، ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون . ولما ذكر عقاب الظالمين ذكر ثواب الطائعين فقال : { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي : قاموا بالدين ، قولاً ، وعملاً ، واعتقاداً ، { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } فيها من اللذات والشهوات ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، { خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي : لا بحولهم وقوتهم بل بحول الله وقوته { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أي : يُحيِّي بعضهم بعضاً بالسلام ، والتحية والكلام الطيب .