Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 45-50)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } الذين اتقوا طاعة الشيطان ، وما يدعوهم إليه من جميع الذنوب والعصيان { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } قد احتوت على جميع الأشجار ، وأينعت فيها جميع الثمار اللذيذة في جميع الأوقات . ويقال لهم حال دخولها : { ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ } من الموت ، والنوم والنصب ، واللغوب ، وانقطاع شيء من النعيم ، الذي هم فيه أو نقصانه ، ومن المرض ، والحزن ، والهم ، وسائر المكدرات ، { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } فتبقى قلوبهم سالمة من كل دغل وحسد ، متصافية متحابة { إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } . دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم ، في كون كل منهم مقابلاً للآخر لا مستدبراً له ، متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ وأنواع الجواهر . { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } لا ظاهر ولا باطن ، وذلك لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة ، لا تقبل شيئاً من الآفات ، { وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } على سائر الأوقات . ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة من مفعولات الله من الجنة والنار ، ذكر ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى فقال : { نَبِّىءْ عِبَادِي } أي : أخبرهم خبراً جازماً مؤيداً بالأدلة ، { أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته ومغفرته ، سَعَوا في الأسباب الموصلة لهم إلى رحمته ، وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها ، لينالوا مغفرته . ومع هذا فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاء إلى حال الأمن والإدلال ، فنبئهم { وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } أي : لا عذاب في الحقيقة إلا عذاب الله ، الذي لا يقادر قدره ، ولا يبلغ كنهه ، نعوذ به من عذابه ، فإنهم إذا عرفوا أنه { لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } [ الفجر : 25 - 26 ] حذروا ، وأبعدوا عن كل سبب يوجب لهم العقاب ، فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائماً بين الخوف والرجاء ، والرغبة والرهبة ، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه ، أحدث له ذلك الرجاء والرغبة ، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه ، أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها .