Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 106-109)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن شناعة حال { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ } فعمى بعد ما أبصر ، ورجع إلى الضلال بعد ما اهتدى ، وشرح صدره بالكفر ، راضياً به مطمئناً ، أن لهم الغضب الشديد من الرب الرحيم ، الذي إذا غضب لم يقم لغضبه شيء ، وغضب عليهم كل شيء . { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أي : في غاية الشدة ، مع أنه دائم أبداً . و { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْحَيَاةَ ٱلْدُّنْيَا عَلَىٰ ٱلآخِرَةِ } حيث ارتدوا على أدبارهم ، طمعاً في شيء من حطام الدنيا ، ورغبة فيه ، وزهداً في خير الآخرة ، فلما اختاروا الكفر على الإيمان ، منعهم الله الهداية ، فلم يهدهم ، لأن الكفر وصفهم ، فطبع على قلوبهم فلا يدخلها خير ، وعلى سمعهم وعلى أبصارهم فلا ينفذ منها ما ينفعهم ، ويصل إلى قلوبهم . فشملتهم الغفلة ، وأحاط بهم الخذلان ، وحرموا رحمة الله التي وسعت كل شيء ، وذلك أنها أتتهم فردوها ، وعرضت عليهم فلم يقبلوها . { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلْخَاسِرونَ } الذين خسروا أنفسهم وأموالهم وأهليهم يوم القيامة ، وفاتهم النعيم المقيم ، وحصلوا على العذاب الأليم . وهذا بخلاف من أكره على الكفر وأجبر عليه ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، راغب فيه ، فإنه لا حرج عليه ولا إثم ، ويجوز له النطق بكلمة الكفر عند الإكراه عليها . ودلّ ذلك ، على أن كلام المكره على الطلاق ، أو العتاق ، أو البيع ، أو الشراء ، أو سائر العقود ، أنه لا عبرة به ، ولا يترتب عليه حكم شرعي ، لأنه إذا لم يعاقب على كلمة الكفر إذا أكره عليها ، فغيرها من باب أوْلى وأحرى .