Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 51-55)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له ، ويستدل على ذلك بانفراده بالنعم والوحدانية فقال : و { لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ } أي : تجعلون له شريكاً في إلهيته ، وهو { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } متوحد في الأوصاف العظيمة ، متفرد بالأفعال كلها . فكما أنه الواحد في ذاته ، وأسمائه ونعوته وأفعاله ، فَلْتُوحِّدوه في عبادته ، ولهذا قال : { فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } أي : خافوني ، وامتثلوا أمري ، واجتنبوا نهيي ، من غير أن تشركوا بي شيئاً من المخلوقات ، فإنها كلها لله تعالى مملوكة . { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } أي : الدين والعبادة ، والذل في جميع الأوقات ، لله وحده ، على الخلق أن يخلصوه لله ، وينصبغوا بعبوديته . { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } من أهل الأرض أو أهل السماوات ، فإنهم لا يملكون لكم ضراً ولا نفعاً ، والله المنفرد بالعطاء والإحسان ، { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ } ظاهرة وباطنة { فَمِنَ ٱللَّهِ } لا أحد يشركه فيها ، { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ } من فقر ومرض وشدة { فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } أي : تضجون بالدعاء والتضرع ، لعلمكم أنه لا يدفع الضر والشدة إلا هو ، فالذي انفرد بإعطائكم ما تحبون ، وصرف ما تكرهون ، هو الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده . ولكن كثيراً من الناس ، يظلمون أنفسهم ، ويجحدون نعمة الله عليهم إذا نجاهم من الشدة فصاروا في حال الرخاء ، أشركوا به بعض مخلوقاته الفقيرة ، ولهذا قال : { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } أي : أعطيناهم ، حيث نجيناهم من الشدة ، وخلصناهم من المشقة ، { فَتَمَتَّعُواْ } في دنياكم قليلاً { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة كفركم .