Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 45-48)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن عقوبته للمكذبين بالحق الذين ردوه وأعرضوا عنه ، أنه يحول بينهم وبين الإيمان ، فقال : { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ } الذي فيه الوعظ والتذكير ، والهدى والإيمان ، والخير والعلم الكثير . { جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } يسترهم عن فهمه حقيقة ، وعن التحقق بحقائقه والانقياد إلى ما يدعو إليه من الخير . { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } أي : أغطية وأغشية ، لا يفقهون معها القرآن ، بل يسمعونه سماعاً تقوم به عليهم الحجة ، { وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } أي : صمماً عن سماعه ، { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ } داعياً لتوحيده ، ناهياً عن الشرك به . { وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً } من شدة بغضهم له ، ومحبتهم لما هم عليه من الباطل ، كما قال تعالى : { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ الزمر : 45 ] . { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ } أي : إنما منعناهم من الانتفاع عند سماع القرآن ، لأننا نعلم أن مقاصدهم سيئة ، يريدون أن يعثروا على أقل شيء ليقدحوا به ، وليس استماعهم لأجل الاسترشاد وقبول الحق ، وإنما هم متعمدون على عدم اتباعه ، ومن كان بهذه الحالة ، لم يفده الاستماع شيئاً ، ولهذا قال : { إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ } أي : متناجين { إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ } في مناجاتهم : { إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } فإذا كانت هذه مناجاتهم الظالمة فيما بينهم ، وقد بنوها على أنه مسحور ، فهم جازمون أنهم غير معتبرين لما قال ، وأنه يهذي ، لا يدري ما يقول . قال تعالى : { ٱنْظُرْ } متعجباً { كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } التي هي أضل الأمثال ، وأبعدها عن الصواب { فَضَلُّواْ } في ذلك ، أو فصارت سبباً لضلالهم ، لأنهم بنوا عليها أمرهم ، والمبني على فاسد أفسد منه . { فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } أي : لا يهتدون أيّ اهتداء ، فنصيبهم الضلال المحض ، والظلم الصِّرف .