Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 49-52)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن قول المنكرين للبعث ، وتكذيبهم به ، واستبعادهم بقولهم : { أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً } أي : أجساداً بالية ، { أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } أي : لا يكون ذلك ، وهو محال بزعمهم ، فجهلوا أشد الجهل ، حيث كذبوا رسل الله ، وجحدوا آيات الله ، وقاسوا قدرة خالق السماوات والأرض بقدرتهم الضعيفة العاجزة ، فلما رأوا أن هذا ممتنع عليهم لا يقدرون عليه ، جعلوا قدرة الله كذلك . فسبحان من جعل خلقاً من خلقه ، يزعمون أنهم أولو العقول والألباب ، مثالاً في جهل أظهر الأشياء وأجلاها ، وأوضحها براهين وأعلاها ، ليرى عباده أنه ما ثمَّ إلا توفيقه وإعانته ، أو الهلاك والضلال . { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } [ آل عمران : 8 ] . ولهذا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المنكرين للبعث استبعاداً : { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً * أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ } أي : يعظم { فِي صُدُورِكُمْ } لتسلموا بذلك على زعمكم ، من أن تنالكم قدرة الله ، أو تنفذ فيكم مشيئته ، فإنكم غير معجزي الله ، في أي حالة تكونون ، وعلى أي وصف تتحولون ، وليس لكم في أنفسكم تدبير في حالة الحياة وبعد الممات . فدعوا التدبير والتصريف لمن هو على كل شيء قدير ، وبكل شيء محيط . { فَسَيَقُولُونَ } حين تقيم عليهم الحجة في البعث : { مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } فكما فطركم ، ولم تكونوا شيئاً مذكوراً ، فإنه سيعيدكم خلقاً جديداً { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } [ الأنبياء : 104 ] . { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } أي : يهزونها ، إنكاراً وتعجباً مما قلت ، { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ } أي : متى وقت البعث الذي تزعمه على قولك ؟ لا إقراراً منهم لأصل البعث ، بل ذلك سَفَهُ منهم وتعجيز . { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } فليس في تعيين وقته فائدة ، وإنما الفائدة والمدار على تقريره والإقرار به وإثباته ، وإلا فكل ما هو آت فإنه قريب . { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } للبعث والنشور ، وينفخ في الصور ، { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي : تنقادون لأمره ، ولا تستعصون عليه . وقوله : { بِحَمْدِهِ } أي : هو المحمود تعالى على ما يفعله ويجزي به العباد ، إذا جمعهم ليوم التناد . { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } من سرعة وقوعه ، وأن الذي مر عليكم من النعيم كأنه ما كان . فهذا الذي يقول عنه المنكرون : { مَتَىٰ هُوَ } ؟ يندمون غاية الندم عند وروده ، ويقال لهم : { هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ المطففين : 17 ] .