Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 49-57)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا شروع في تعداد نعمه على بني إسرائيل على وجه التفصيل فقال : { وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } أي : من فرعون وملئه وجنوده وكانوا قبل ذلك { يَسُومُونَكُمْ } أي : يولونهم ويستعملونهم ، { سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } أي : أشده بأن كانوا { يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ } خشية نموكم { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } أي : فلا يقتلونهن ، فأنتم بين قتيل ومذلل بالأعمال الشاقة ، مستحييّ على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه فهذا غاية الإهانة ، فمنَّ الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقرّ أعينهم . { وَفِي ذَٰلِكُمْ } أي : الإنجاء { بَلاۤءٌ } أي : إحسان { مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره . ثم ذكر منته عليهم بوعده لموسى أربعين ليلة لينزل عليهم التوراة المتضمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة ، ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد حتى عبدوا العجل من بعده ، أي : ذهابه . { وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ } عالمون بظلمكم ، قد قامت عليكم الحجة ، فهو أعظم جرماً وأكبر إثماً . ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى بأن يقتل بعضكم بعضاً ، فعفا الله عنكم بسبب ذلك { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله . { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } وهذا غاية الظلم والجراءة على الله وعلى رسوله ، { فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ } إما الموت أو الغشية العظيمة ، { وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } وقوع ذلك ، كل ينظر إلى صاحبه ، { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } . ثم ذكر نعمته عليهم في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق ، فقال : { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ } وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب ، ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك ، { وَٱلسَّلْوَىٰ } طائر صغير يقال له السماني ، طيب اللحم ، فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم { كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ } أي : رزقاً لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين ، فلم يشكروا هذه النعمة ، واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب . { وَمَا ظَلَمُونَا } يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين ، كما لا تنفعه طاعات الطائعين ، { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } فيعود ضرره عليهم .