Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 31-33)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : ومن الأدلة على قدرته وكماله ووحدانيته ورحمته ، أنه لما كانت الأرض لا تستقر إلا بالجبال ، أرساها بها وأوتدها ، لئلا تميد بالعباد ، أي : لئلا تضطرب ، فلا يتمكن العباد من السكون فيها ، ولا حرثها ، ولا الاستقرار بها ، فأرساها بالجبال ، فحصل بسبب ذلك ، من المصالح والمنافع ، ما حصل ، ولما كانت الجبال المتصل بعضها ببعض ، قد تتصل اتصالاً كثيراً جداً ، فلو بقيت بحالها جبالاً شامخات ، وقُلَلاً باذخات ، لتعطل الاتصال بين كثير من البلدان . فمن حكمة الله ورحمته ، أن جعل بين تلك الجبال فجاجاً سبلاً ، أي : طرقاً سهلة لا حزنة ، لعلهم يهتدون إلى الوصول إلى مطالبهم من البلدان ، ولعلهم يهتدون بالاستدلال بذلك على وحدانية المنان . { وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً } للأرض التي أنتم عليها { مَّحْفُوظاً } من السقوط { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } [ فاطر : 41 ] محفوظاً أيضاً من استراق الشياطين للسمع . { وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } أي : غافلون لاهون ، وهذا عام في جميع آيات السماء ، من علوها ، وسعتها ، وعظمتها ، ولونها الحسن ، وإتقانها العجيب ، وغير ذلك من المشاهد فيها ، من الكواكب الثوابت والسيارات ، وشمسها ، وقمرها النيرات ، المتولد عنهما الليل والنهار ، وكونهما دائماً في فلكهما سابحين ، وكذلك النجوم ، فتقوم بسبب ذلك منافع العباد من الحر والبرد ، والفصول ، ويعرفون حساب عباداتهم ومعاملاتهم ، ويستريحون في ليلهم ، ويهدؤون ويسكنون وينتشرون في نهارهم ، ويسعون في معايشهم ، كل هذه الأمور إذا تدبرها اللبيب ، وأمعن فيها النظر ، جزم حزماً لا شك فيه ، أن الله جعلها مؤقتة في وقت معلوم ، إلى أجل محتوم ، يقضي العباد منها مآربهم ، وتقوم بها منافعهم ، وليستمتعوا وينتفعوا ، ثم بعد هذا ، ستزول وتضمحل ، ويفنيها الذي أوجدها ، ويسكنها الذي حركها ، وينتقل المكلفون إلى دار غير هذه الدار ، يجدون فيها جزاء أعمالهم ، كاملاً موفراً ، ويعلم أن المقصود من هذه الدار أن تكون مزرعة لدار القرار ، وأنها منزل سفر ، لا محل إقامة .