Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 45-53)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } إلى آخر القصة . يخبر تعالى أنه أرسل إلى ثمود القبيلة المعروفة ، أخاهم في النسب صالحاً ، وأنه أمرهم أن يعبدوا الله وحده ، ويتركوا الأنداد والأوثان ، { فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } منهم المؤمن ، ومنهم الكافر ، وهم معظمهم . { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } أي : لم تبادرون فعل السيئات وتحرصون عليها ، قبل فعل الحسنات ، التي بها تحسن أحوالكم وتصلح أموركم الدينية والدنيوية ؟ والحال أنه لا موجب لكم إلى الذهاب لفعل السيئات ؟ . { لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ } بأن تتوبوا من شرككم وعصيانكم ، وتدعوه أن يغفر لكم ، { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } فإن رحمة الله تعالى قريب من المحسنين ، والتائب من الذنوب ، هو من المحسنين . { قَالُواْ } لنبيهم صالح ، مكذبين ومعارضين : { ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } زعموا - قبحهم الله - أنهم لم يروا على وجه صالح خيراً ، وأنه هو ومن معه من المؤمنين ، صاروا سبباً لمنع بعض مطالبهم الدنيوية ، فقال لهم صالح : { طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ } أي : ما أصابكم إلا بذنوبكم ، { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } بالسراء والضراء ، والخير والشر ، لينظر هل تقلعون وتتوبون ، أم لا ؟ فهذا دأبهم في تكذيب نبيهم وما قابلوه به . { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } التي فيها صالح ، الجامعة لمعظم قومه { تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } أي : وصفهم الإفساد في الأرض ، ولا لهم قصد ولا فعل بالإصلاح ، قد استعدوا لمعاداة صالح والطعن في دينه ، ودعوة قومهم إلى ذلك ، كما قال تعالى : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ * ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } [ الشعراء : 150 - 152 ] . فلم يزالوا بهذه الحال الشنيعة ، حتى إنهم من عداوتهم { تَقَاسَمُواْ } فيما بينهم ، كل واحد أقسم للآخر : { لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } أي نأتيه ليلاً ، هو وأهله ، فلنقتلنهم ، { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ } إذا قام علينا ، وادعى علينا أنا قتلناه ، ننكر ذلك ، وننفيه ونحلف { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } فتواطؤوا على ذلك ، { وَمَكَرُواْ مَكْراً } دبروا أمرهم على قتل صالح وأهله ، على وجه الخفية ، حتى [ من ] قومهم ، خوفاً من أوليائه ، { وَمَكَرْنَا مَكْراً } بنصر نبينا صالح عليه السلام ، وتيسير أمره ، وإهلاك قومه المكذبين { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } . { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ } هل حصل مقصودهم ؟ وأدركوا بذلك المكر مطلوبهم ، أم انتقض عليهم الأمر ، ولهذا قال : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } أهلكناهم ، واستأصلنا شأفتهم ، فجاءتهم صيحة عذاب ، فأهلكوا عن آخرهم . { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } قد تهدمت جدرانها على سقوفها ، وأوحشت من ساكنيها ، وعطلت من نازليها ، { بِمَا ظَلَمُوۤاْ } أي : هذا عاقبة ظلمهم وشركهم بالله ، وبغيهم في الأرض . { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } الحقائق ، ويتدبرون وقائع الله ، في أوليائه وأعدائه ، فيعتبرون بذلك ، ويعلمون أن عاقبة الظلم الدمار والهلاك ، وأن عاقبة الإيمان والعدل النجاة والفوز . ولهذا قال : { وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } أي : أنجينا المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، وكانوا يتقون الشرك بالله والمعاصي ، ويعملون بطاعته وطاعة رسله .