Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 52-55)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يذكر تعالى عظمة القرآن وصدقه وحقه ، وأن أهل العلم بالحقيقة يعرفونه ويؤمنون به ويقرون بأنه الحق ، { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ } وهم أهل التوراة ، والإنجيل ، الذين لم يغيروا ولم يبدلوا { هُم بِهِ } أي : بهذا القرآن ومَنْ جاء به { يُؤْمِنُونَ } . { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } استمعوا له وأذعنوا و { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ } لموافقته ما جاءت به الرسل ، ومطابقته لما ذكر في الكتب ، واشتماله على الأخبار الصادقة ، والأوامر والنواهي الموافقة لغاية الحكمة . وهؤلاء الذين تفيد شهادتهم ، وينفع قولهم ، لأنهم لا يقولون ما يقولون إلا عن علم وبصيرة ، لأنهم أهل الصنف ، وأهل الكتب ، وغيرهم لا يدل ردهم ومعارضتهم للحق على شبهة ، فضلاً عن الحجة ، لأنهم ما بين جاهل فيه أو متجاهل معاند للحق . قال تعالى : { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } الآيات [ الإسراء : 107 ] . وقوله : { إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } فلذلك ثبتنا على ما مَنَّ اللّه به علينا من الإيمان ، فصدقنا بهذا القرآن ، آمنا بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، وغيرنا ينقض تكذيبه بهذا الكتاب ، إيمانه بالكتاب الأول . { أُوْلَـٰئِكَ } الذين آمنوا بالكتابين { يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ } أجراً على الإيمان الأول ، وأجراً على الإيمان الثاني ، { بِمَا صَبَرُواْ } على الإيمان ، وثبتوا على العمل ، فلم تزعزعهم عن ذلك شبهة ، ولا ثناهم عن الإيمان رياسة ولا شهوة . { و } من خصالهم الفاضلة ، التي من آثار إيمانهم الصحيح ، أنهم { وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ } أي : دأبهم وطريقتهم الإحسان لكل أحد ، حتى للمسيء إليهم بالقول والفعل ، يقابلونه بالقول الحميد والفعل الجميل ، لعلمهم بفضيلة هذا الخلق العظيم ، وأنه لا يوفق له إلا ذو حظ عظيم . { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ } من جاهل خاطبهم به ، { قَالُواْ } مقالة عباد الرحمن أولي الألباب : { لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } أي : كُلٌّ سَيُجازَى بعمله الذي عمله وحده ، ليس عليه من وزر غيره شيء . ولزم من ذلك ، أنهم يتبرؤون مما عليه الجاهلون ، من اللغو والباطل ، والكلام الذي لا فائدة فيه . { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } أي : لا تسمعون منا إلا الخير ، ولا نخاطبكم بمقتضى جهلكم ، فإنكم وإن رضيتم لأنفسكم هذا المرتع اللئيم ، فإننا ننزه أنفسنا عنه ، ونصونها عن الخوض فيه ، { لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ } من كل وجه .