Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 11-16)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه المتفرد بإبداء المخلوقات ، ثم يعيدهم ، ثم إليه يرجعون بعد إعادتهم ، ليجازيهم بأعمالهم ، ولهذا ذكر جزاء أهل الشر ، ثم جزاء أهل الخير ، فقال : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ } أي : يقوم الناس لرب العالمين ، ويردون القيامة عياناً ، يومئذ { يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } أي : ييأسون من كل خير . وذلك أنهم ما قدموا لذلك اليوم إلا الإجرام ، وهي الذنوب ، من كفر وشرك ومعاصي ، فلما قدموا أسباب العقاب ، ولم يخلطوها بشيء من أسباب الثواب ، أيسوا وأبلسوا وأفلسوا ، وضل عنهم ما كانوا يفترونه ، من نفع شركائهم ، وأنهم يشفعون لهم ، ولهذا قال : { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ } التي عبدوها مع اللّه { شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } تبرأ المشركون ممن أشركوهم مع اللّه ، وتبرأ المعبودون ، وقالوا : { تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } [ القصص : 63 ] والتعنوا وابتعدوا ، وفي ذلك اليوم يفترق أهل الخير والشر ، كما افترقت أعمالهم في الدنيا . { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } آمنوا بقلوبهم ، وصدقوا ذلك بالأعمال الصالحة { فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ } فيها سائر أنواع النبات وأصناف المشتهيات ، { يُحْبَرُونَ } أي : يسرون ، وينعمون بالمآكل اللذيذة ، والأشربة ، والحور الحسان ، والخدم ، والولدان ، والأصوات المطربات ، والسماع المشجي ، والمناظر العجيبة ، والروائح الطيبة ، والفرح والسرور ، واللذة والحبور ، مما لا يقدر أحد أن يصفه . { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وجحدوا نعمه ، وقابلوها بالكفر { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } التي جاءتهم بها رسلنا { فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } فيه ، قد أحاطت بهم جهنم من جميع جهاتهم ، واطَّلع العذاب الأليم على أفئدتهم ، وشوى الحميم وجوههم ، وقطَّع أمعاءهم ، فأين الفرق بين الفريقين ، وأين التساوي بين المنعمين والمعذبين ؟ ! !