Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 8-10)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : أفلم يتفكر هؤلاء المكذبون لرسل اللّه ولقائه { فِيۤ أَنفُسِهِمْ } فإن في أنفسهم آيات يعرفون بها ، أن الذي أوجدهم من العدم ، سيعيدهم بعد ذلك ، وأن الذي نقلهم أطواراً من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى آدمي ، قد نفخ فيه الروح ، إلى طفل ، إلى شاب ، إلى شيخ ، إلى هرم ، غير لائق أن يتركهم سدى مهملين ، لا ينهون ولا يؤمرون ، ولا يثابون ولا يعاقبون . { مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [ أي ] ليبلوكم أيكم أحسن عملاً . { وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } أي : مؤقت بقاؤهما إلى أجل تنقضي به الدنيا ، وتجيء به القيامة ، وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات . { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } فلذلك لم يستعدوا للقائه ، ولم يصدقوا رسله التي أخبرت به ، وهذا الكفر عن غير دليل ، بل الأدلة القاطعة ، قد دلّت على البعث والجزاء ، ولهذا نبههم على السير في الأرض ، والنظر في عاقبة الذين كذّبوا رسلهم وخالفوا أمرهم ، ممن هم أشد من هؤلاء قوة ، وأكثر آثاراً في الأرض ، من بناء قصور ومصانع ، ومن غرس أشجار ، ومن زرع وإجراء أنهار ، فلم تغن عنهم قوتهم ، ولا نفعتهم آثارهم ، حين كذّبوا رسلهم الذين جاؤوهم بالبينات الدالات على الحق ، وصحة ما جاؤوهم به ، فإنهم حين ينظرون في آثار أولئك ، لم يجدوا إلا أُمماً بائدة ، وخلقاً مهلكين ، ومنازل بعدهم موحشة ، وذم من الخلق عليهم متتابع . وهذا جزاء معجل ، نموذج للجزاء الأخروي ومبتدأ له . وكل هذه الأمم المهلكة ، لم يظلمهم اللّه بذلك الإهلاك ، وإنما ظلموا أنفسهم ، وتسببوا في هلاكها . { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤأَىٰ } أي : الحالة السيئة الشنيعة ، وصار ذلك داعياً لهم لأن { كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } فهذا عقوبة لسوئهم وذنوبهم . ثم ذلك الاستهزاء والتكذيب ، يكون سبباً لأعظم العقوبات وأعضل المثلات .