Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 20-21)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يمتن تعالى على عباده بنعمه ، ويدعوهم إلى شكرها ورؤيتها ، وعدم الغفلة عنها فقال : { أَلَمْ تَرَوْاْ } أي : تشاهدوا وتبصروا بأبصاركم وقلوبكم ، { أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من الشمس والقمر والنجوم ، كلها مسخرات لنفع العباد . { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من الحيوانات والأشجار والزروع ، والأنهار والمعادن ونحوها ، كما قال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } [ البقرة : 29 ] . { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ } أي : عمّكم وغمركم نعمه الظاهرة والباطنة التي نعلم بها ، والتي تخفى علينا ، نعم الدنيا ، ونعم الدين ، حصول المنافع ، ودفع المضار ، فوظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم ، بمحبة المنعم والخضوع له ، وصرفها في الاستعانة على طاعته ، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته . { وَ } لكن مع توالي هذه النِعَم ، { مِنَ ٱلنَّاسِ مَن } لم يشكرها ، بل كفرها وكفر بمَنْ أنعم بها ، وجحد الحق الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله ، فجعل { يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ } أي : يجادل عن الباطل ليدحض به الحق ، ويدفع به ما جاء به الرسول من الأمر بعبادة اللّه وحده ، وهذا المجادل على غير بصيرة ، فليس جداله عن علم ، فيترك وشأنه ، ويسمح له في الكلام { وَلاَ هُدًى } يقتدي به بالمهتدين { وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } [ غير مبين للحق فلا معقول ولا منقول ولا اقتداء بالمهتدين ] وإنما جداله في اللّه مبني على تقليد آباء غير مهتدين ، بل ضالين مضلين . ولهذا قال : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } على أيدي رسله ، فإنه الحق ، وبينت لهم أدلته الظاهرة { قَالُواْ } معارضين ذلك : { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا } فلا نترك ما وجدنا عليه آباءنا لقول أحد ، كائناً مَنْ كان . قال تعالى في الرد عليهم وعلى آبائهم : { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } فاستجاب له آباؤهم ، ومشوا خلفه ، وصاروا من تلاميذ الشيطان ، واستولت عليهم الحيرة . فهل هذا موجب لاتباعهم لهم ومشيهم على طريقتهم ، أم ذلك يرهبهم من سلوك سبيلهم ، وينادي على ضلالهم ، وضلال مَنْ اتبعهم . وليس دعوة الشيطان لآبائهم ولهم ، محبة لهم ومودة ، وإنما ذلك عداوة لهم ومكر بهم ، وبالحقيقة أتباعه من أعدائه ، الذين تمكن منهم وظفر بهم ، وقرت عينه باستحقاقهم عذاب السعير بقبول دعوته .