Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 12-14)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر تعالى رجوعهم إليه يوم القيامة ، ذكر حالهم في مقامهم بين [ يديه ] ، فقال : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ } الذين أصروا على الذنوب العظيمة ، { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ } خاشعين خاضعين أذلاء ، مقرين بجرمهم ، سائلين الرجعة قائلين : { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } أي : بان لنا الأمر ، ورأيناه عياناً ، فصار عين يقين . { فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } أي : صار عندنا الآن يقين بما [ كنا ] نكذب به ، أي : لرأيت أمراً [ فظيعاً ] ، وحالاً مزعجة ، وأقواماً خاسرين ، وسؤلاً غير مجاب ، لأنه قد مضى وقت الإمهال . وكل هذا بقضاء اللّه وقدره ، حيث خلى بينهم وبين الكفر والمعاصي ، فلهذا قال : { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } أي : لهدينا الناس كلهم ، وجمعناهم على الهدى ، فمشيئتنا صالحة لذلك ، ولكن الحكمة تأبى أن يكونوا كلهم على الهدى ، ولهذا قال : { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي } أي : وجب ، وثبت ثبوتاً لا تغير فيه . { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } فهذا الوعد لا بد منه ، ولا محيد عنه ، فلا بد من تقرير أسبابه من الكفر والمعاصي . { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } أي : يقال للمجرمين الذين ملكهم الذل ، وسألوا الرجعة إلى الدنيا ، ليستدركوا ما فاتهم ، قد فات وقت الرجوع ولم يبق إلا العذاب ، فذوقوا العذاب الأليم ، بما نسيتم لقاء يومكم هذا ، وهذا النسيان نسيان ترك ، أي : بما أعرضتم عنه وتركتم العمل له ، وكأنكم غير قادمين عليه ، ولا ملاقيه . { إِنَّا نَسِينَاكُمْ } أي : تركناكم بالعذاب ، جزاء من جنس عملكم ، فكما نَسِيتُمْ نُسِيتُمْ ، { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ } أي : العذاب غير المنقطع ، فإن العذاب إذا كان له أجل وغاية ، كان فيه بعض التنفيس والتخفيف ، وأما عذاب جهنم - أعاذنا اللّه منه - فليس فيه روح راحة ، ولا انقطاع لعذابهم فيها . { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } من الكفر والفسوق والمعاصي .