Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 12-15)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } . وهذه عادة المنافق عند الشدة والمحنة ، لا يثبت إيمانه ، وينظر بعقله القاصر ، إلى الحالة القاصرة ، ويصدق ظنه . { وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ } من المنافقين ، بعد ما جزعوا وقلَّ صبرهم ، وصاروا أيضاً من المُخْذَّلين ، فلا صبروا بأنفسهم ، ولا تركوا الناس من شرهم ، فقالت هذه الطائفة : { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ } يريدون : " يا أهل المدينة " ، فنادوهم باسم الوطن المنبئ [ عن التسمية ] ، فيه إشارة إلى أن الدين والأخوة الإيمانية ، ليس له في قلوبهم قدر ، وأن الذي حملهم على ذلك ، مجرد الخور الطبيعي . { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ } أي : في موضعكم الذي خرجتم إليه خارج المدينة ، وكانوا عسكروا دون الخندق وخارج المدينة ، { فَٱرْجِعُواْ } إلى المدينة ، فهذه الطائفة تخذل عن الجهاد ، وتبين أنهم لا قوة لهم بقتال عدوهم ، ويأمرونهم بترك القتال ، فهذه الطائفة أشرّ الطوائف وأضرها ، وطائفة أخرى دونهم ، أصابهم الجبن والجزع ، وأحبوا أن ينخزلوا عن الصفوف ، فجعلوا يعتذرون بالأعذار الباطلة ، وهم الذين قال اللّه فيهم : { وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } أي : عليها الخطر ، ونخاف عليها أن يهجم عليها الأعداء ، ونحن غُيَّبٌ عنها ، فَأْذَنْ لنا نرجع إليها ، فنحرسها ، وهم كذبة في ذلك . { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ } أي : ما قصدهم { إِلاَّ فِرَاراً } ولكن جعلوا هذا الكلام وسيلة وعذراً . [ لهم ] فهؤلاء قلَّ إيمانهم ، وليس له ثبوت عند اشتداد المحن . { وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ } المدينة { مِّنْ أَقْطَارِهَا } أي : لو دخل الكفار إليها من نواحيها ، واستولوا عليها - لا كان ذلك - { ثُمَّ } سئل هؤلاء { ٱلْفِتْنَةَ } أي : الانقلاب عن دينهم ، والرجوع إلى دين المستولين المتغلبين { لآتَوْهَا } أي : لأعطوها مبادرين . { وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً } أي : ليس لهم منعة ولا تَصلُّبٌ على الدين ، بل بمجرد ما تكون الدولة للأعداء ، يعطونهم ما طلبوا ، ويوافقونهم على كفرهم ، هذه حالهم . والحال أنهم قد { عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً } سيسألهم عن ذلك العهد ، فيجدهم قد نقضوه ، فما ظنهم إذًاً بربهم ؟