Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 10-11)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : ولقد مننا على عبدنا ورسولنا داود عليه الصلاة والسلام ، وآتيناه فضلاً من العلم النافع ، والعمل الصالح ، والنِّعَم الدينية والدنيوية ، ومن نِعَمه عليه ، ما خصه به من أمره تعالى الجمادات ، كالجبال والحيوانات ، من الطيور ، أن تُؤَوِّب معه ، وتُرَجِّع التسبيح بحمد ربها مجاوبة له ، وفي هذا من النعمة عليه ، أن كان ذلك من خصائصه التي لم تكن لأحد قبله ولا بعده ، وأن ذلك يكون منهضاً له ولغيره على التسبيح إذا رأوا هذه الجمادات والحيوانات تتجاوب بتسبيح ربها وتمجيده وتكبيره وتحميده ، كان ذلك مما يهيج على ذكر اللّه تعالى . ومنها : أن ذلك - كما قال كثير من العلماء أنه طرب لصوت داود ، فإن اللّه تعالى قد أعطاه من حسن الصوت ما فاق به غيره ، وكان إذا رجَّع التسبيح والتهليل والتحميد بذلك الصوت الرخيم الشجيِّ المطرب ، طرب كل مَنْ سمعه ، من الإنس والجن ، حتى الطيور والجبال ، وسبحت بحمد ربها . ومنها : أنه لعله ليحصل له أجر تسبيحها ، لأنه سبب ذلك ، وتسبح تبعاً له . ومن فضله عليه ، أن ألان له الحديد ، ليعمل الدروع السابغات ، وعلّمه تعالى كيفية صنعته ، بأن يقدره في السرد ، أي : يقدره حلقاً ، ويصنعه كذلك ، ثم يدخل بعضها ببعض . قال تعالى : { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } [ الأنبياء : 80 ] . ولما ذكر ما امتنَّ به عليه وعلى آله ، أمره بشكره ، وأن يعملوا صالحاً ، ويراقبوا اللّه تعالى فيه ، بإصلاحه وحفظه من المفسدات ، فإنه بصير بأعمالهم ، مطلع عليهم ، لا يخفى عليه منها شيء .