Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 12-21)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلْ عَجِبْتَ } يا أيها الرسول وأيها الإنسان ، من تكذيب مَنْ كذَّب بالبعث ، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة ، وهو حقيقة محل عجب واستغراب ، لأنه مما لا يقبل الإنكار ، { وَ } أعجب من إنكارهم وأبلغ منه ، أنهم { يَسْخَرُونَ } ممن جاء بالخبر عن البعث ، فلم يكفهم مجرد الإنكار ، حتى زادوا السخرية بالقول الحق . { وَ } من العجب أيضاً أنهم { إِذَا ذُكِّرُواْ } ما يعرفون في فطرهم وعقولهم ، وفطنوا له ، وألفت نظرهم إليه { لاَ يَذْكُرُونَ } ذلك ، فإن كان جهلاً ، فهو من أدلِّ الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة ، حيث ذكروا ما هو مستقر في الفطر ، معلوم بالعقل ، لا يقبل الإشكال ، وإن كان تجاهلاً وعناداً ، فهو أعجب وأغرب . ومن العجب [ أيضاً ] أنهم إذا أقيمت عليهم الأدلة ، وذكروا الآيات التي يخضع لها فحول الرجال وألباب الألباء ، يسخرون منها ويعجبون . ومن العجب أيضاً ، قولهم للحق لما جاءهم : { إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } فجعلوا أعلى الأشياء وأجلّها ، وهو الحق ، في رتبة أخسِّ الأشياء وأحقرها . ومن العجب أيضاً ، قياسهم قدرة رب الأرض والسماوات ، على قدرة الآدمي الناقص من جميع الوجوه ، فقالوا استبعاداً وإنكاراً : { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } . ولما كان هذا منتهى ما عندهم ، وغاية ما لديهم ، أمر اللّه رسوله أن يجيبهم بجواب مشتمل على ترهيبهم فقال : { قُلْ نَعَمْ } ستبعثون ، أنتم وآباؤكم الأولون { وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ } ذليلون صاغرون ، لا تمتنعون ، ولا تستعصون على قدرة اللّه . { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } ينفخ إسرافيل فيها في الصور { فَإِذَا هُمْ } مبعوثون من قبورهم { يَنظُرُونَ } كما ابتدئ خلقهم ، بعثوا بجميع أجزائهم ، حفاة عراة غرلاً ، وفي تلك الحال ، يظهرون الندم والخزي والخسار ، ويدعون بالويل والثبور . { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } فقد أقروا بما كانوا في الدنيا به يستهزؤون . فيقال لهم : { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } بين العباد فيما بينهم وبين ربهم من الحقوق ، وفيما بينهم وبين غيرهم من الخلق .