Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 139-148)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } إلى آخر القصة . وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله يونس بن متى ، كما أثنى على إخوانه المرسلين ، بالنبوة والرسالة ، والدعوة إلى اللّه ، وذكر تعالى عنه ، أنه عاقبه عقوبة دنيوية ، أنجاه منها بسبب إيمانه وأعماله الصالحة ، فقال : { إِذْ أَبَقَ } أي : من ربه مغاضباً له ، ظاناً أنه لا يقدر عليه ، ويحبسه في بطن الحوت ، ولم يذكر اللّه ما غاضب عليه ، ولا ذنبه الذي ارتكبه ، لعدم فائدتنا بذكره ، وإنما فائدتنا بما ذُكِّرنا عنه أنه أذنب ، وعاقبه اللّه مع كونه من الرسل الكرام ، وأنه نجاه بعد ذلك ، وأزال عنه الملام ، وقيّض له ما هو سبب صلاحه . فلما أبق لجأ { إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } بالركاب والأمتعة ، فلما ركب مع غيره ، والفلك شاحن ، ثقلت السفينة ، فاحتاجوا إلى إلقاء بعض الركبان ، وكأنهم لم يجدوا لأحد مزية في ذلك ، فاقترعوا على أن مَنْ قرع وغلب ، ألقي في البحر عدلاً من أهل السفينة ، وإذا أراد اللّه أمراً هيأ أسبابه . فلما [ اقترعوا ] أصابت القرعة يونس { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } أي : المغلوبين ، فألقي في البحر { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ } وقت التقامه { مُلِيمٌ } أي : فاعل ما يلام عليه ، وهو مغاضبته لربه . { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } أي : في وقته السابق بكثرة عبادته لربه وتسبيحه وتحميده ، وفي بطن الحوت حيث قال : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] . { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أي : لكانت مقبرته ، ولكن بسبب تسبيحه وعبادته للّه ، نجّاه اللّه تعالى ، وكذلك ينجي اللّه المؤمنين عند وقوعهم في الشدائد . { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ } بأن قذفه الحوت من بطنه بالعراء ، وهي الأرض الخالية العارية من كل أحد ، بل ربما كانت عارية من الأشجار والظلال . { وَهُوَ سَقِيمٌ } أي : قد سقم ومرض ، بسبب حبسه في بطن الحوت ، حتى صار مثل الفرخ الممعوط من البيضة . { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } تظله بظلها الظليل ، لأنها بادرةٌّ باردةٌّ الظلال ، ولا يسقط عليها ذباب ، وهذا من لطفه به وبره . ثم لطف به لطفاً آخر ، وامْتَنَّ عليه مِنّة عظمى ، وهو أنه أرسله { إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ } من الناس { أَوْ يَزِيدُونَ } عنها ، والمعنى أنهم إن ما زادوا لم ينقصوا ، فدعاهم إلى اللّه تعالى . { فَآمَنُواْ } فصاروا في موازينه ، لأنه الداعي لهم ، { فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } بأن صرف اللّه عنهم العذاب بعدما انعقدت أسبابه ، قال تعالى : { فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } [ يونس : 98 ] .